جريدة

أعبي ابراهيم يكتب: عن نوستالجيا هجرة اليد العاملة من جهة درعة تافيلالت إلى مدن المغرب النافع

كان لافتا أن تكون جهة درعة تافيلالت مصدرا للعمالة الوافدة على مختلف مدن المغرب لبناء مختلف المنشأت والبنايات والمصانع التى تقام في مختلف المدن المغربية. 

ولأن اليد العاملة المنحدرة من الجنوب الشرقي، معروفة بصدقها في أداء مهامها وتحظى بقبول واسع من لدن المقاولات والشركات ومقاولات البناء، وهذا يحسب لليد العاملة المنحدرة من الجنوب الشرقي التى لها مكانة خاصة لدى المقاولات والشركات بمختلف مناطق المغرب، وهذا راجع إلى اخلاق هذه اليد العاملة التى تعمل بجد وتفاني واستطاعت كسب الثقة لدى المشغلين في مختلف المجالات. 
فبمجرد أن تعرف عن نفسك كعامل او إطار من إحدى مدن الجنوب الشرقي، حتى تنهال عليك عبارات الثناء على أخلاق وكرم وجود ساكنة هذه الربوع التى تعد مصدرا مهما لليد العاملة التى تساهم ومازالت تساهم في بناء المغرب الحديث. 
ومن منطلق الانصاف لليد العاملة المنحدرة من الجنوب الشرقي فلا يسعنا إلا أن نفتخر بالثقة التى تحظى بها والسمعة الطيبة التى تتركها في أذهان من يشغلها، وهو مكسب كبير يحق لنا نحن كأبناء الجنوب الشرقي أن نفتخر به، وهو تاج معلق ووسام شرف معلق على صدر كل عامل أو مهندس أو إطار أو مسؤول ينحدر من الجنوب الشرقي، الذين استطاعو بنبل أخلاقهم وتفانيهم في المهام المسندة إليهم ،أن يكونو معادلة مهمة في سوق الشغل في مختلف المجالات، ويحق للجنوب الشرقي بمختلف مدينه وقراه أن يفتخر بهذه السمعة الطيبة التى يحملها في تاريخه المليء بالجود والكرم والتفاني في العمل. 
وما احوجنا إلى تنمية مجالية بالجنوب الشرقي ،حتى تجد العمالة المحلية فرص الشغل التى تنهي معاناتها مع البعد عن الأهل والأحباب، حيث يكون العامل مضطرا إلى العيش بين مسقط رأسه وبين السفر إلى المدن المغربية في المغرب النافع ويمضي حياته مغتربا في وطنه من أجل لقمة العيش الصعبة ،ويكون فيه مضاعفات نفسية واجتماعية على هذا الإغتراب الإضظراري عن الأبناء والأهل والأقارب. 
ولأن الدولة المغربية مسؤولة في تنزيل العدالة التنموية والإجتماعية بمختلف جهات المغرب، فإنه من الواجب أن يكون الاتجاه الى تحقيق تكافئ في التشغيل المحلي ضرورة أساسية، فجهة درعة تافيلالت قادرة على توفير بيئة تنموية وتشغلية لأبنائها إذا ما تم وضع تصور شمولي لإستغلال خيرات جهة درعة تافيلالت معدنيا وسياحيا لخلق فرص الشغل التى تتناسب مع المتوفر من المشاريع القادرة على أحتضان اليد العاملة المحلية التى تحتاج فعلا إلى إنهاء سفرياتها نحو مدن المغرب النافع. 
إن جهة درعة تافيلالت لها من الخيرات وفرص الشغل ما يجعل أبناء المنطقة في خدمة التنمية المحلية لو توفرت إرادة حقيقية لدى الدولة بمختلف مؤسساتها ،من أجل وضع جهة درعة تافيلالت في التنمية المحلية التى تعد ضرورة ملحة. 
فالمناسبات الدينية تكشف فعلا حجم العمالة التى اضطرت مكرهة على مغادرة اهلها للبحث عن فرص الشغل في أماكن تبعد عن أهلهم وذويهم مئات الكليومترات ،ونحن نعرف أن كل المشاريع الكبرى بمختلف الجهات بالمغرب تحتضن نسبة مهمة من اليد العاملة المنحدرة من الجنوب الشرقي ،ومحطات نقل المسافرين شاهدة على الوجهات الأكثر طلبا في كل مناسبة دينية حتى أصبح الحصول على مقعد نحو إحدى مدن الجنوب الشرقي في المناسبات الدينية من سابع المستحيلات، وهذا يزكي حجم المعاناة التي يعانيها المواطن المنحدر من الجنوب الشرقي ،الذي يجد نفسه بين ضرورة قضاء العيد ومختلف المناسبات وبين جشع شركات النقل التى تكشر عن أنيابها لإفتراس جيوب المواطنين في كل مناسبة دينية ،لملئ جيوبها من معاناة اليد العاملة التى تعد الحلقة الأضعف، في كل شيئ. 
إن واقع التهميش التنموي بجهة درعة تافيلالت هو واقع مر ولا يقبل مزيدا من الإستمرار أمام تنامي الوعي بضرورة المساواة في التنمية البشرية، وأن الوقت قد حان للقطع مع السرعتين التى يسير بهما المغرب، بين جهات مهمشة تعيش على واقع القرون الوسطى، وبين جهات تنافس كبريات المدن الأوروبية في مجال البنية التحتية والمسالك الطرقية. 
ونحن هنا في جهة درعة تافيلالت نعيش بصفر متر من الطريق السيار وصفر متر من السكك الحديدية، وأصبحت جهة درعة تافيلالت عنوانها للبؤس التنموي وأصبحت الحكومات المتعاقبة على تدبير الشأن العام الوطني من عهد الاستقلال عاجزة عن تنزيل مخطط تنموي شامل ينهي التمييز التنموي لصالح جهات على حساب جهات أخرى مهمشة وتعيش بوس التنمية وبؤس الموقع الجغرافي. 
إن نزول الدولة المغربية بكامل وزنها من أجل إنصاف جهة درعة تافيلالت ضرورة ملحة، واستمرار التهميش التنموي في الجهة هو ظلم كبير يحتاج جبرا للضرر ويحتاج إلى إعادة الإعتبار لساكنة هذه الربوع المتشبتة بالوطن والمتعلقة بصغيرها وكبيرها بأهذاب العرش العلوي المجيد. 
هذه الجهة المباركة وهي مهد الدولة العلوية الشريفة تحتاج إلى إلتفاتة مولوية سامية من الملك المنصور بالله للإقلاع بها نحو التنمية الشاملة في مختلف المجالات. 
ولا ننسى أن ساكنة جهة درعة تافيلالت وفية لثوابت الوطن وتصدح صباح مساء بشعارنا الخالد
الله. الوطن. الملك