جريدة

أحالت تامنوت للحريات الى القضاء يتير نقاشا جديا .

  تعيش الحركة الأمازيغية على وقع نقاش سياسي، بعدما أحالت وزارة الداخلية ملف تأسيس “حزب تامونت للحريات”، على القضاء، لأسباب شكلية، اعتبرها الحزب المذكور “مطيّة لحرمانه من الوجود السياسي”، وهو ما فتح الطريق أمام تصور قديم جديد، يتعلق بأن “الحزب الأمازيغيّ” خطوة “شبه مستحيلة” في المغرب، وبالتالي يُحبّذ العودة إلى “فكرة تمزيغ الأحزاب القائمة وإصلاح ما فسد فيها”.

 

“حزب بمرجعية أمازيغيّة” و”تمزيغ التنظيمات الحزبية” فكرتان مطروحتان للتداول الأمازيغيّ حاليا وبإلحاح؛ كلّ منهما يجدّف ضد الآخر، بـ”ديمقراطية وبنوع من الانتصار للاختلاف”، بتعبير كل جهة. لكن يبدو هذا “التناقض الديمقراطي” داخل خطاب الفاعلين في الحركة الأمازيغيّة، وفق آخرين، “علامة على التدافع، الذي يمكن أن يخدم ‘تمازيغت’ أكثر من أي شيء آخر؛ فكل طرف يحمل تصوراً راكم تجارب على الأرض للوصول إليه”.

 

 

محيي الدين حجاج، منسق جبهة العمل السياسي والأمازيغي، اعتبر أن “الصعوبة التي يطرحها تأسيس حزب بمرجعية أمازيغية بالمغرب تثبت أن أطروحة الدخول إلى الأحزاب وتمزيغها، في أفق تمزيغ الدولة، كانت ذات بعد براغماتي حقيقي، يتماشى مع تصور الحركة الأمازيغيّة”، مبيّنا أن المسار الذي اتخذته الجبهة المذكورة، بكونها “شاهدة على التطور الذي صارت تعرفه الأمازيغيّة كثقافة وكلغة”، “كان صحيحاً”.

 

 

وأضاف حجاج، أحد أبرز الوجوه الأمازيغيّة المناهضة لفكرة الحزب الأمازيغي، أن “الحديث لا يمكن أن يرتبط بالوقت الحالي، بل ببداية الطّريق، فالاشتغال من داخل الأحزاب له بعد عمليّ يخدم ‘تمازيغت’ كثقافة وكلغة وكهوية جامعة لكلّ المغاربة”، مشدداً على أن “التّصور القاضي بكون المغرب بلدا أمازيغيا تعرّب جزء منه ومازال الجزء الآخر محافظاً على حيويّة اللغة مازال حاضراً، وبالتالي يمكن للجميع العيش في إطار الوحدة والتّنوع”.

 

 

 

 

وأشار منسق جبهة العمل الأمازيغي، في تصريحه لهسبريس، إلى أن “الأحزاب راجعت مواقفها تجاه لغة ‘إيمازيغن’، وهذا يعد أرضية خصبة لمصالحتها مع تاريخ البلاد من خلال التغلغل في مراكز القرار فيها لخدمة الأمازيغية، وضمان أكبر تمثيلية سياسية ممكنة للدفاع عنها”، موضحاً أن “فكرة تأسيس حزب أمازيغي والصعوبات التي يوجهها هذا التصور تجعل الحاجة قائمة إلى إعادة التفكير في التصور الذي طرحته الجبهة، وهو تمزيغ الدولة”.

 

 

عبد الواحد درويش، فاعل أمازيغي منسق سابق لحزب “تامونت للحريات” ذي المرجعية الأمازيغية، قال إن “الخيار الذي اتخذته وزارة الداخلية بإحالة الملف على القضاء الإداري يبقى مسطرة مقبولة”، وزاد: “ننتظر أن يحسم القضاء في الموضوع، وبالتالي لا يمكن أن نتحدث فيه بما أنه بيد القضاء”، مؤكداً أن “الساحة رغم كل شيء تحتاج إلى أشكال تعبير سياسية جديدة، لأن الحديث عن ‘تمزيغ الأحزاب’ هو خدعة، لأن الأحزاب الحالية مُحتكرة ورافضة وغير منفتحة”.

 

وأوضح درويش، الذي كان ضمن الثلاثي الذي وضع اسم الحزب، تامونت (الوحدة)، في تصريحه لهسبريس، أن “المواطنين لهم حق تأسيس تنظيمات سياسية جديدة قائمة على الحرية والاختلاف والوحدة في إطار التنوع”، موضحاً أن “هذا الحزب ليس عرقيا أو جهويا أو إثنيا، كما يمكن أن يفهم منه، بل هو تجربة سياسية تحاول أن تمتح من خصوصية مغربية مرتبطة بالتاريخ والهوية المنصوص عليها في الدستور المغربي”.

 

 

 

ولفت المتحدث عينه إلى أن “هذا الحزب يدعو إلى الوحدة وإلى الحرية، لأن الفاعلين اليوم في الحقل الأمازيغيّ لم يعد لديهم أي استعداد للدخول في أحزاب قائمة مبنية على ثقافة الانغلاق”، مشيراً إلى أن “المدافعين عن تمازيغت خاضوا تجارب سياسيّة عديدة ولدت لديهم شعورا عاليا بالخيبة، ومنهم من تم طرده لأنه طالب بتوسيع هامش الديمقراطية والتشبيب في هذه الأحزاب، التي أبدت عناداً سياسيا، جعل الحاجة قائمة إلى الانتظام وفق صوت سياسي مغاير”.