في كلمةٍ أثارت جدلاً واسعاً، وجّه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انتقاداً لاذعاً للانقسام التاريخي بين الشعوب التركية والكردية والعربية، معتبراً أن هذا التشتت كان عاملاً رئيسياً في تمكين “المجازر الإرهابية الهمجية” التي تشهدها غزة اليوم. جاءت تصريحاته خلال مؤتمرٍ جامعٍ في إسطنبول ضمّ نخبة من السياسيين والمفكرين لمناقشة القضية الفلسطينية والأزمات الإقليمية.
انقسام الأمة وتداعياته
أكد أردوغان أن “التشرذم بين مكونات الأمة، سواءً عبر الحدود المصطنعة أو الصراعات الداخلية، أضعف القدرة على مواجهة التحديات المشتركة”، مشيراً إلى أن غزة تدفع ثمناً باهظاً لغياب التضامن الفعلي بين الشعوب التي تجمعها روابط الدين والتاريخ. وأضاف:
“لو تحالف الأتراك والأكراد والعرب تحت مظلة العدالة والإخوة، لما تجرأ المحتل على ارتكاب هذه الجرائم بحق الأطفال والنساء في فلسطين”.
الوحدة كخيار استراتيجي
ركز الرئيس التركي على ضرورة بناء تحالفات إقليمية قائمة على المصالح المشتركة بدلاً من الخلافات العرقية، مستذكراً أمجاد الدولة العثمانية التي جمعت هذه الأطياف تحت راية واحدة. واقترح أن يكون رد الفعل على مجازر غزة “إعادة تعريف مفهوم الأمن القومي العربي والتركي والكردي بشكلٍ جماعي”، معتبراً أن التنسيق العسكري والاقتصادي بين هذه الأطراف قد يشكل رادعاً أمام أي عدوان خارجي.
ردود أفعال متباينة
أثار كلام أردوغان ردوداً متناقضة، حيث أشادت قطاعات عربية وكردية بتركيا كـ”حليف استراتيجي” للقضية الفلسطينية، بينما انتقده آخرون بسبب ما وصفوه بـ”تناقض مواقف أنقرة” خصوصاً في الملف السوري والعلاقة مع الأكراد. من جهتها، هاجمت وسائل إعلام إسرائيلية التصريحات ووصفتها بـ”محاولة لتجيير القضية الفلسطينية لصالح أجندة تركية توسعية”.
هل الوحدة ممكنة؟
يُعيد الخطاب التركي فتح الجدل حول إمكانية تحقيق تضامن عربي-تركي-كردي في ظل تعقيدات الجغرافيا السياسية الحالية. فبينما تُظهر أزمات مثل غزة الحاجة الملحة لوحدة الموقف، تبقى العقبات التاريخية والصراعات المحلية عائقاً أمام أي تحالف شامل. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل يمكن أن تكون مأساة الفلسطينيين نقطة تحولٍ تُذيب خلافات الماضي؟