أكد فوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، أن التدبير السليم للمالية العمومية يظل مسؤولية جماعية، ويتطلب إرساء وضوح مؤسسي ومقروئية دقيقة لمختلف مراحله.
وجاء تصريح لقجع خلال يوم دراسي نظمته لجنة مراقبة المالية العامة والحكامة بمجلس النواب، بتعاون مع الوزارة المكلفة بالميزانية والمجلس الأعلى للحسابات، تحت عنوان: “قانون التصفية وسؤال الشفافية والمحاسبة”.
إشراك البرلمان في المراحل الأولية
وشدد الوزير على ضرورة تعزيز دور المؤسسة التشريعية، من خلال إشراك البرلمان بشكل مبكر وفعال في إعداد السياسات المالية، مؤكدا أن دعم هذا الدور يتطلب مواكبة علمية وتقنية رفيعة المستوى.
وأشار لقجع إلى أن إعداد مشروع قانون المالية يمر عبر مساهمة 18 ألف موظف موزعين على مختلف مصالح وزارة الاقتصاد والمالية، ويبدأ فعليا منذ مارس وحتى إيداع المشروع بالبرلمان في 20 أكتوبر. لكن البرلمان، حسب قوله، يبقى بعيدا عن الخطوات التمهيدية كصياغة الرسالة التأطيرية والتوجهات العامة.
واقترح في هذا السياق “خلق محطات تشاركية خلال هذه المراحل المبكرة، حتى يتمكن البرلمان من تقييم السياسات المالية بشكل موضوعي، ويصبح النقاش داخل المؤسسة التشريعية أكثر عمقا وجدوى”.
إصلاح القانون التنظيمي للمالية
وكشف الوزير أن مشروع إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية (LOF) سيطرح بالبرلمان في أكتوبر المقبل، على أن يشمل تعديل الآجال الفاصلة بين قانون المالية وقانون التصفية، بما يضمن انسجاما أكبر وفعالية أقوى في التدبير المالي.
ولفت إلى أن قانون التصفية لا يجب أن يناقش بعد سنتين أو أكثر من تنفيذ قانون المالية، كما كان يحدث في السابق، داعيا إلى تقليص هذا الفارق الزمني إلى حدود مقبولة. واعتبر تقديم قانون التصفية لسنة 2023 في فبراير الماضي خطوة مهمة في هذا الاتجاه، خاصة أنه جاء مرفوقا بوثائق تفسيرية ومذكرات غنية بالمعطيات المالية الدقيقة.
نحو رقابة نوعية ومساءلة حقيقية
وأوضح لقجع أن 14 تقريرا سنويا تصاحب مشروع قانون المالية، إضافة إلى 5 تقارير تهم قوانين التصفية، لكنها تظل في حاجة إلى مزيد من التركيب والتركيز على المحاور الأساسية لضمان فعالية الرقابة البرلمانية، لا سيما فيما يخص التزامات الحكومة المنجزة وغير المنجزة.
وأكد أن إصلاح القانون التنظيمي المقبل سيأخذ بعين الاعتبار ضرورة إعادة النظر في الإطار الزمني المخصص لمناقشة مشروع قانون المالية، موضحا أن “70 يوما تبدو كافية نظريا، لكنها تتطلب توزيعا أكثر مرونة وفعالية”.
القانون المالي التعديلي كآلية شفافية
ودعا الوزير إلى توسيع استخدام القانون المالي التعديلي، وعدم الاقتصار على اللجوء إليه في حالات استثنائية، كما حدث خلال جائحة “كوفيد-19″، مشددا على أهميته كأداة للتفاعل مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية.
كما أشار إلى الحاجة إلى إدماج خبرات أكاديمية ومحايدة لإغناء النقاش العام، مشيدا بمساهمات المجلس الأعلى للحسابات ومفتشية المالية في تعزيز الشفافية المالية وتحقيق حكامة فعالة.
مصادقة على قانون التصفية لسنة 2023
وكان مجلس النواب قد صادق بالأغلبية على مشروع قانون التصفية رقم 07.25 المتعلق بتنفيذ قانون المالية لسنة 2023، حيث صوت لصالحه 82 نائبا مقابل رفض 31، دون أي امتناع.
وشهد اليوم الدراسي مشاركة أكاديمية متميزة، من خلال مداخلة ألقاها الدكتور حسن العرفي، أستاذ المالية العامة بجامعة محمد الخامس، حول “منهجية تحليل قانون التصفية بين منطق المحاسبة العمومية والقراءة السياسية”.
كما شارك ياسين الناصري بنصغير، رئيس الغرفة الثانية المكلفة بالقطاعات المالية بالمجلس الأعلى للحسابات، حيث قدم عرضا حول “تقرير المجلس الأعلى للحسابات بشأن تنفيذ قانون المالية: الإطار والمنهجية والأهداف”.