في خطوة استراتيجية تهدف إلى تنظيم القطاع الصحافي بمدينة فاس، بدأت المصالح الأمنية بالتنسيق مع النيابة العامة والمديرية الجهوية للاتصال تنفيذ مبادرة إصلاحية تُعنى بتقنين العمل الإعلامي. يأتي هذا التطور في ظل التحديات المتزايدة التي يواجهها القطاع، حيث تنتشر مظاهر عدم المهنية واستغلال صفة “مراسل صحافي” من قبل غير المؤهلين.
تركز هذه الإصلاحات على إلزام الصحافيين بالامتثال للمعايير القانونية. وذلك من خلال التأكد من حصولهم على البطاقة المهنية الصادرة عن المجلس الوطني للصحافة. تعتبر هذه البطاقة المعيار الأساسي للاعتماد في الممارسة الصحافية. وأي شخص يعمل دونها قد يتعرض لتهم انتحال صفة، مما يسهم في حماية المهنة وضمان احترافية العاملين في المجال الإعلامي.
إن هذه المبادرة تنطلق في إطار التزام الحكومة المغربية بضرورة جعل الجرائد والمواقع الإلكترونية تتوافق مع قانون الصحافة والنشر. وتستهدف الإجراءات الجديدة الحد من ظاهرة إصدار صحف غير قانونية. بالإضافة إلى منع استغلال الصحافة كغطاء لأغراض شخصية أو تجارية بعيدة عن الأخلاقيات المهنية.
ترحب أوساط الصحافيين بهذا الإجراء، حيث يعتبرونه خطوة إيجابية نحو حماية المهنة والعمل على ارتقائها إلى مستويات أعلى من الاحترافية. ومع ذلك، هناك مخاوف بين بعض العاملين في القطاع بشأن تأثير هذه الإجراءات الصارمة على أولئك الذين قد يعملون بطرق غير قانونية ولكنهم ملتزمون أخلاقيًا بالمهنة.
يمكن اعتبار هذه الإصلاحات الجارية في فاس نموذجًا يمكن تعميمه على باقي المدن المغربية، لضمان تنظيم وتشذيب القطاع الصحافي على مستوى الوطن. إذ إن القطاع الإعلامي بحاجة ماسة إلى مقاربة شمولية تجمع بين فرض قوانين صارمة وتقديم الدعم المهني للصحافيين. مما يسهم في تعزيز دور الإعلام كسلطة رابعة حقيقية تخدم المجتمع.
تعد هذه المبادرة خطوة محورية في مسار تطوير الصحافة بالمغرب. مما يفتح المجال لبناء بيئة إعلامية تعزز من قيم الشفافية والمساءلة. وتعيد الثقة بين الصحافيين والجمهور في زمن تكثر فيه التحديات.