محمد حميمداني
عصف التعديل الحكومي برؤوس مجموعة من وزراء حكومة “اخنوش” الأولى. حيث أطاح التعديل الحكومي، المعلن عنه اليوم. بعدد من الشخصيات البارزة في التحالف الحكومي. فما هي دوافع وأسباب رحيل هؤلاء الوزراء من المغضوب عليهم رسميا.
وهكذا فقد قذف التعديل الحكومي بكل من “عبد اللطيف الميراوي”، وزير التعليم العالي، “خالد أيت طالب”، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، “غيثة مزور”، وزيرة الانتقال الرقمي، و”محمد الصديقي”، وزير الفلاحة وآخرين. خارج المشهد الحكومي.
يأتي هذا القرار في ظل وضع اجتماعي واقتصادي مأزوم. وتأشير هؤلاء الوزراء على عجز في تدبير القطاعات التي يشرفون على إدارتها.
“ميراوي” يغادر سفينة التعليم المتخنة بجراح الانفجارات
يعيش التعليم العالي على وقع وضع يتسم بغضب طلبة كليات الطب والصيدلة المتصاعد. وما أفرزه هذا الوضع من توثرات لم يستطع “ميراوي” مجاراتها. ليسقط تبعا لذلك بالضربة القاضية بعد أن تم تسجيل حالة “الشرود” في حقه.
وهكذا فقد أطاح التعديل الحكومي برأس “عبد اللطيف ميراوي”، وزير التعليم العالي. وهو سقوط لم يكن مفاجأ بل متداولا على نطاق واسع. اعتبارا لما أفرزته حقبة تدبيره من تصاعد أزمة إضرابات طلبة الطب في المغرب. وهي الاحتجاجات التي استمرت لفترة طويلة.
رحيل “ميراوي” جاء بعد شهور من التوتر داخل قطاع التعليم العالي. حيث شهدت الجامعات المغربية اضطرابات واحتجاجات متواصلة. خصوصًا من طرف طلبة الطب والصيدلة، الذين أعربوا عن استيائهم من السياسات التي انتهجتها الوزارة في ظل الأزمة.
فإضراب طلبة الطب ليس الأزمة الوحيدة التي واجهها “ميراوي” خلال فترة توليه الوزارة. بل تزامن ذلك مع مشاكل تتعلق بإصلاحات قطاع التعليم العالي والتأخر في تنفيذ عدد من المشاريع الهادفة لتحسين جودة التعليم.
تفجر القطاع الصحي وأزمته عجلت بسقوط “آيت الطالب” من شجرة وزارة الصحة
على خطى “ميراوي” عاش قطاع الصحة على وقع الأجواء المتوثرة وتفجر مسلسل من الفضائح. وعدم قدرة “خالد آيت الطالب”، وزير الصحة. على مواكبتها والتصدي لها. فضلا عن عجزه على مواكبة الإصلاحات الرسمية التي أكد عليها جلالة الملك في إطار سياسة إصلاح المنظومة الصحية. وهو ما أدى لإسقاطه من على شجرة الصحة ليوارى الثرى التدبيري كمكان طبيعي أمام حالة العجز التي أبان عنها إبان معركة الأطباء وموظفي القطاع. وذلك على الرغم من رآسته لهذا القطاع لفترة طويلة. لكن كجسد بلا روح ولا فعالية تذكر.
وهكذا فقد أطاح التعديل الحكومي برأس “خالد آيت الطالب”. في خطوة ذات صلة بالفوضى المتفاقمة التي أصبح يعيش تحت وقعها القطاع الصحي بالمغرب. والتي ازدادت استفحالا مع تفجر معارك الأطباء والشغيلة الصحية. والتي شلت العديد من المستشفيات والمراكز الطبية في المغرب.
رحيل “آيت الطالب” تزامن مع تصاعد حدة الاحتجاجات والإضرابات التي يخوضها الأطباء والممرضون. مطالبين بتحسين ظروف العمل ورفع الأجور. إلى جانب تأهيل البنية التحتية الصحية المتدهورة.
هاته الأزمات أدت لتزايد الانتقادات الموجهة للوزارة وتفجير موجات غضب في صفوف الشغيلة الصحية التي طالبت بإصلاحات عاجلة.
كما أنها تأتي كانعكاس للواقع المرضي الذي يعيشه القطاع القطاع الصحي بالمغرب. من نقص في الموارد البشرية وضعف التجهيزات الطبية. وأيضا ما عرفه خلال فترة إدارته من أزمات متعددة. والتي زادت من حدتها مخلفات جائحة كورونا وأثرها على النظام الصحي.
والأدهى من ذلك “أن “ميراوي” و”آيت الطالب” يشتركان معا في واقع اضطراب المنظومة الصحية. وما عاشته ولا زالت من مسيرات واحتجاجات ومقاطعات للدراسة والامتحانات. والتي كان آخرهها، اليوم، من خلال المتابعات في حق طلبة الطب. وقرار أطباء القطاع العام التصعيد في وجه مشروع القانون المالي الجديد. والالتحاق بركب المعارك المتفجرة ضد “آيت الطالب” وتيهانه في تدبير واقع الصحة المريض.
أزمة القطاع الفلاحي وفوضى السوق تطيح ب”الصديقي” من على صهوة وزارة الفلاحة
القطاع الفلاحي بدوره عاش نكسة كبرى منذ تولي “محمد الصديقي” إدارته. مع عجزه كليا عن إيجاد حل لمجموعة من المشاكل المرتبطة بتدبير وزارته. تاركا المواطنين عرضة للعشوائية التي يدار بها القطاع . وهو الأمر الذي أجهز على مسيرته الوزارية على رأس الفلاحة.
فتفاقم مشاكل القطاع الفلاحي عجلت بالإطاحة برأس “محمد الصديقي”، بعد أن تفاقمت أزمات القطاع وارتفعت أسعار المواد الفلاحية بشكل غير مسبوق. وما خلفة هذا الوضع من آثار. دون إغفال دعم الدولة للقطاع خلال عيد الأضحى دون أن تنخفض أسعار الأضاحي. وهو ما خلف تذمرا شعبيا واسعا وحرم العديد من المواطنين من أداء هاته الشعيرة الدينية.
كما تعرض “الصديقي” خلال فترة استوزاره لسلسلة من الانتقادات ذات الصلة بسوء التدبير والعجز عن مواجهة آثار الجفاف. وأيضا العجز في ضبط أسعار المنتجات الفلاحية في الأسواق. وهو ما أثر بشكل كبير على القدرة الشرائية للمواطنين وزاد من معاناة المواطنين.
قطاعات مشلولة أسقطت ربان سفينتها
زوابع العزل شملت أيضا “غيثة مزور”، الوزيرة المنتدبة المكلفة بالانتقال الرقمي. وذلك ارتباطا بضعف أدائها الحكومي. وعجزها عن تحقيق الأهداف المرسومة المتعلقة بتحقيق الاستدامة والطاقة المتجددة مع تفجر فضائح متصلة بصفقات ذات صلة بالقطاع.
كما أن أداء “محسن الجزولي”، الوزير المكلف بالاستثمار والالتقائية. أبان عن ضعف كبير وعجز في أداء هاته المهمة الأساسية في دواليب الاقتصاد الوطني. مع تسجيل غياب المبادرات الفعالة التي من شأنها أن تساهم في جذب الاستثمارات الأجنبية وتحقيق التنمية والاستدامة.
فترة وزيرة التضامن والأسرة، “عواطف حيار”. التدبيرية للقطاع تميزت هي الأخرى بالضعف. وزاد من حدة الإنزال من على عرش التضامن والأسرة الانتقادات الكبيرة التي طالتها حتى من داخل دواليب حزبها. وهي نفس الملاحظات التي يمكن تسجيلها على “محمد عبد الجليل”، وزير النقل واللوجيستيك. الغائب كليا عن تحقيق أي طفرة نوعية في القطاع. إذ اتسم تدبيره بانتشار الفوضى وسوء التدبير . مع تسجيل فشل استراتيجيات تحسين البنية التحتية والتأخر في إنجاز مجموعة من المشاريع الاستراتجية للدولة. والتي لم يقدم أي خطوة لتصحيحها فأسقطته من على الوزارة.
فهل ستمكن هاته التغييرات من الإثيان بجديد في مواجهة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها المواطنون أم أنها ستبقى أرقاما ضمن سبورة الأرقام المتسمة بالفشل التدبيري والعجز عن مقارعة كافة معضلات التنمية والتحديث وخدمة الصالح العام ومصالح الوطن والمواطنين.