جريدة

إعفاء  الوزير الأول في الجزائر قراءة في تداعيات الصراع الخفي على السلطة

ميديا أونكيت 24

 أعلنت رئاسة الجمهورية الجزائرية، اليوم الخميس 28 غشت، إنهاء مهام الوزير الأول نذير العرباوي، بموجب مرسوم رئاسي، في تغيير يضيف فصلاً جديدًا إلى سلسلة التحولات المتسارعة داخل أروحة السلطة بالجزائر.

هذه الإقالة، التي يأتي توقيتها في مرحلة سياسية واقتصادية حساسة، لا تبدو مجرد تغيير روتيني في هيكلة الحكومة، بل يُقرأها مراقبون على أنها مؤشر على استمرار التوتر الخفي بين أجنحة النظام، ولا سيما بين مؤسسة الرئاسة والمؤسسة العسكرية، حول السيطرة على دفة الحكم وضبط الإيقاع السياسي للبلاد.

تعيين مدير مكتب الرئاسة، السيد سيفي غريب، وزيرًا أولًا بالنيابة، يحمل في طياته أبعادًا متعددة. داخليًا، يُفسر على أنه محاولة من الرئيس عبد المجيد تبون لإعادة ضبط التوازنات الهشة داخل الجهاز التنفيذي وامتصاص حالة التوتر بين الفاعلين الرئيسيين. أما خارجيًا، فتريد الرئاسة إرسال رسالة طمأنة إلى الشركاء الدوليين مفادها أن القيادة ما تزال ممسكة بزمام الأمور، على الرغم من الأزمات المتصاعدة والغموض الذي يلف المشهد.

يأتي هذا التحرك في إطار سلسلة من التغييرات التي طالت هرم السلطة في الفترة الأخيرة، مما يعكس – وفقًا لتحليلات – “أزمة حكم صامتة” يعيشها النظام الجزائري. وتتمثل هذه الأزمة في التراجع الملحوظ لدور الرئيس تبون، المقابل لصعود نفوذ المؤسسة العسكرية في صنع القرار، وهو الأمر الذي ينعكس سلبًا على استقرار المشهد السياسي ويُغذي حالة من الغموض حول اتجاهات البلاد السياسية والاقتصادية.

في خلفية القرار، ثمة تساؤلات حول أسباب إقالة العرباوي التي لم تُعلن بشكل رسمي، مما يفتح الباب أمام تكهنات عديدة. هل جاءت نتيجة خلافات حول السياسات العامة؟ أم بسبب ضغوط داخلية من أجنحة مؤثرة؟ أم لإعادة ترتيب البيت الداخلي تمهيدًا لمرحلة قادمة؟

لا شك أن هذا التغيير يزيد من حدة التحديات التي تواجهها الجزائر، في وقت تحتاج فيه إلى وحدة الصف ووضوح الرؤية لمعالجة ملفات شائكة على رأسها الأزمة الاقتصادية والانتظارات الاجتماعية. وقد يعمق هذا التحرك من حالة الغموض التي تحيط بمستقبل البلاد، في انتظار ما ستسفر عنه التطورات القادمة وخطوات الرئيس تبون المقبلة لتثبيت وضعه أو ترتيب التحالفات الداخلية.