جريدة

الإنتخابات الأمريكية : لمن ستميل بوصلة الناخبين العرب ؟

ميديا أونكيت 24

قدّر أعداد الناخبين العرب والمسلمين في الولايات المتحدة الأميركية بحوالي 300 ألف ناخب. وعلى الرغم من محدودية هذا العدد، فإنّ أصوات العرب والمسلمين تعدّ حاسمةً في الولايات الأميركية المتأرجحة (ميشيغان وبنسلفانيا وأوهايو)، وهي ولايات غالبًا ما تحدد أصواتها نتائج الانتخابات الرئاسية تاريخيًا بسبب تأرجحها بين الجمهوريين والديمقراطيين وهوامشها الضيقة، ولذلك تحظى أصوات العرب فيها بأهمية كبيرة لدى المرشحين.

ويشار في هذا الصدد إلى مساهمة الأميركيين العرب والمسلمين في فوز جو بايدن بايدن في العديد من تلك الولايات الحاسمة في انتخابات 2020، حيث فاز بايدن بنحو 150 ألف صوت من أصوات العرب والمسلمين بولاية ميشيغان، فيما لم ينل ترامب سوى 11 ألف صوت في انتخابات الرئاسة التي فاز فيها 2016. لكنّ الأقلية العربية والمسلمة حاليًا تعتبر أنّها “تعرّضت” للخيانة من طرف جو بايدن، وتضاعف غضبها إثر موقف إدارته المساند بالمطلق لإسرائيل في عدوانها على غزة.

ومن هذا المنطلق، يحاول الجمهوريون استغلال غضب العرب والمسلمين من إدارة بايدن لكسب أصواتهم، خاصةً أنّ أوساطًا عديدةً في صفوف الأميركيين العرب والمسلمين أطلقوا حملات في مينيسوتا للتخلي عن بايدن #AbandonBiden، واقترحت أوساطٌ أخرى بينهم تنظيم فعاليات لحث الناخبين العرب والمسلمين على عدم التصويت لبايدن في الانتخابات الرئاسية المقررة الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر، كنوعٍ من التصويت العقابي ضدّ المرشح الديمقراطي الذي يتهمونه بالتواطؤ والتساهل مع ارتكاب إسرائيل جريمة الإبادة الجماعية في غزة، التي راح ضحيتها حتى الآن ما يقرب من 40 ألف شهيد غالبيتهم من الأطفال والنساء. وجاء هذا الموقف قبل إعلان بايدن انسحابه من السباق الرئاسي لصالح نائبته كامالا هاريس، ومن المرجح أن يؤثر هذا الانسحاب على نيات التصويت لدى العرب والمسلمين الأميركيين.

غياب للعرب وقضاياهم

المتتبع للمؤتمر الوطني للحزب الجمهوري الذي اختتم هذا الأسبوع بتزكية ترشيح دونالد ترامب، يلاحظ بيسر غياب العرب وقضاياهم عن أجندة الحزب، باستثناء الجملة التي جاءت على لسان مات غيتر، عضو مجلس النواب، عندما قالت: “أصبح التضخم سيئًا جدًّا في عهد بايدن ولم يعد بإمكانك رشوة أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين بالنقود وحدها، بل عليك استخدام سبائك الذهب”، وذلك في إشارة منها إلى الرشوة التي حصل عليها السيناتور الديمقراطي بوب مينينديز من مصر. يضاف إليها كلمة العراقية إلينا حبة، محامية دونالد ترامب، في المنصة الرئيسية للمؤتمر.

المتتبّع للمؤتمر الوطني للحزب الجمهوري الذي اختتم هذا الأسبوع بتزكية ترشيح دونالد ترامب يلاحظ بيسر غياب العرب وقضاياهم عن أجندة الحزب

في المقابل، شهد المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري انعقاد عدة فعاليات من أجل دعم إسرائيلي، ما يؤكّد فرضية أنّ دعم الأقلية العربية والمسلمة لترامب في مواجهة بايدن هو سلوكٌ عقابي وردة فعل على خيبة أمل لديهم أكثر من أيّ شيء آخر .

فترامب، ونائبه دي فانس، يُبدون دعمًا مطلقًا لإسرائيل. وسبق لترامب نفسه أن قال إن على إدارة بايدن: “أن تترك إسرائيل تُنهي مهمتها في غزة”. وفي المناظرة التي جمعته مع بايدن، استخدم ترامب مرارًا كلمة “فلسطيني” بشكلٍ قادحٍ وعنصري. زد على ذلك أنّ عهدة ترامب الأولى، وبالتحديد في 2017، شهدت اعتراف الولايات المتحدة الأميركية بالقدس عاصمة لإسرائيل في 2017، ضاربًا بذلك القوانين والقرارات الدولية عرض الحائط.

وأبدى ترامب مرونةً وتساهلًا مع الأنظمة السلطوية العربية،كما أنه ليس معنيًا بقضية الديمقراطية في الشرق الأوسط بقدر ما تهمه المصالح الاقتصادية وصفقات التجارة والأسلحة. ومن المعروف أنّ  قطاعًا من العرب الأميركيين، ولا سيما في ميشيغان، يصرحون بانتقاداتهم سياسات إدارة بايدن فيما يتعلق بفرض العقوبات على النظام السوري.

يشار في هذا الصدد إلى تواصل سفير ترامب السابق في ألمانيا، ريتشارد غرينيل، مع زعيم الجالية الأميركية السورية لترتيب اتفاق على دعم ترامب ضد بايدن.

وحضر سفير ترامب السابق في ألمانيا عشاءً مع قادة العرب والمسلمين في ميشيغان، حضره أيضًا مايكل بولس، زوج تيفاني ترامب، ووالده مسعد بولس، رجل الأعمال اللبناني.

استطلاعات واستراتيجيات جديدة

أجرى المعهد العربي الأميركي استطلاعًا لرأي العرب الأميركيين لمعرفة تفضيلاتهم الانتخابية، وأجري الاستطلاع في أبرز الولايات المتأرجحة وهي: فلوريدا، وميشيغان، وبنسلفانيا، وفرجينيا. وكشف الاستطلاع أنّ بايدن قد يحصل على أقل من 20% من أصوات العرب الأميركيين، مقارنةً بنحو 60% من أصواتهم حصل عليها في عام 2020. كذلك أيّد نحو 33% الرئيس السابق دونالد ترامب، وهي النسبة نفسها التي حصل عليها في 2020، وقال نحو 88% من الأميركيين العرب إن لديهم وجهة نظر سلبية حول الطريقة التي تعامل بها بايدن مع الحرب على غزة.

ويحاول الجمهوريون استثمار هذه النتائج لصالحهم، حيث باتوا يحرصون في جلساتهم ولقاءاتهم على تحاشي “التحدث عن الإبادة الجماعية في غزة، أملاً في عدم استفزاز الناخبين العرب الغاضبين من الرئيس جو بايدن والديمقراطيين، وفي الحصول على أصواتهم في الانتخابات المقبلة، خصوصًا في ولايات متأرجحة مثل ميشيغن وبنسلفانيا”.

وتحاول حملة ترامب الترويج له في الأوساط العربية بإبراز ما تصفه بـ: “التقدم الذي أحرزه الرئيس دونالد ترامب في منطقة الشرق الأوسط، والاتفاق الإبراهيمي، وقطع الأموال عن إيران”. وفي هذا الصدد، قال رئيس الحزب الجمهوري في ولاية ميشيغان وعضو لجنة كتابة برنامج الحزب الجمهوري 2024، بيت هوكسترا، إنه: “لم تكن هناك أموال تذهب للحوثيين أو لحزب الله أو لحماس، الآن بسبب تغيير سياساته صار هناك عدم استقرار في المنطقة، صار لدينا هجمات 7 أكتوبر والرد على هذه الهجمات”.

يحرص ترامب في جميع تصريحاته حول غزة على إلقاء اللوم على إيران، متجنّبًا تقديم إجابة مباشرة بشأن ما إذا كانت هناك خطة لإنهاء الحرب

ورفض بيت هوكسترا، في حديثٍ مع صحيفة “العربي الجديد”، الإفصاح: “عن نتائج النقاش مع المجتمع العربي بالولاية، وحول ما إذا كان هناك خطط للحزب لوقف الحرب أو لا، وعلّق على هذه الأسئلة بالقول: “هذا أمر حساس وكل ما يتعلق بغزة يُدار مباشرة من حملة ترامب، وهم مهتمون جدًا بذلك”.

واعتبر أن لدى ترامب: “خطة لمستقبل منطقة الشرق الأوسط، وسيمضي قدمًا لتنفيذها، وأنه يتعين تطوير استراتيجية لإعادة الاستقرار وبعض الحياة الطبيعية إلى الشرق الأوسط قبل مواصلة التقدم الذي أحرزناه تحت قيادة الرئيس السابق، الذي قال إنه سيُرحَّل غير الأميركيين من مؤيدي حماس”.

يذكر أن ترامب حرص على التأكيد في خطاب ترشحه على قدرته على إنهاء: “كل أزمة خلقتها الإدارة الحالية، بما في ذلك الحرب التي حدثت بسبب الهجوم على إسرائيل، والتي لم تكن لتحدث لو كنت الرئيس، إيران لم يكن لديها أموال، والآن لديها”. وتحدث عن المحتجزين الإسرائيليين، قائلًا: “لكل دول العالم أريد عودة رهائننا، ويفضل أن يحصل ذلك قبل دخولي البيت الأبيض، وإلا فستدفعون ثمنًا باهظًا”.

يشار إلى أنه، وفي جميع تصريحاته حول غزة، يحرص ترامب على إلقاء اللوم على إيران، متجنّبًا تقديم إجابة مباشرة بشأن ما إذا كان هناك خطة لإنهاء الحرب أو لا، وما هي تفاصيلها. كما يتجاهل ترامب وطاقم حملته الحديث عن: “الإبادة الجماعية التي تقوم بها إسرائيل في غزة”، والتي هي موضوع نظرٍ في محكمة العدل الدولية.