ناقشت لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البرتغالي أمس الثلاثاء مشروع قرار يطالب الحكومة البرتغالية بالاعتراف الصريح بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية. المشروع، الذي تقدم به حزب “شيغا” اليميني، يمثل نقلة محتملة في الموقف البرتغالي التقليدي من قضية الصحراء، والتي ظلت لسنوات تتسم بالغموض والحذر.
مشروع القرار، الذي يحمل الرقم 123/1، يسلط الضوء على السياق التاريخي للقضية، مشيراً إلى أن الصحراء كانت تحت السيطرة الإسبانية قبل أن تنسحب منها مدريد عام 1975 بعد المسيرة الخضراء المظفرة، التي شارك فيها مئات الآلاف من المغاربة لتأكيد وحدة التراب الوطني. كما يؤكد على الاستمرارية التاريخية للوجود المغربي في المنطقة، رغم ما يواجهه من مزاعم انفصالية تروج لها جبهة البوليساريو.
النص يشير أيضاً إلى التناقض في الموقف البرتغالي الحالي، الذي يؤيد من جهة مفاوضات بين الأطراف، ويشير من جهة أخرى إلى مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، بينما لا يزال يتعامل مع ممثل لما يسمى “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”، الأمر الذي يعتبره مقدمو المشروع عائقاً أمام تعميق العلاقات الثنائية بين البلدين.
وفي إشارة إلى تداعيات هذا الموقف المزدوج، يستذكر المشروع حادثة استبعاد المساعدة البرتغالية في عمليات الإغاثة بعد الزلزال الذي ضرب المغرب في شتنبر 2023، والتي فسرت على نطاق واسع كرسالة واضحة من الرباط لعدم ارتياحها من مواقف بعض الشركاء الذين يتبنون سياسات غامضة تجاه قضية الوحدة الترابية.
كما يسلط المشروع الضوء على الزخم المتصاعد للاعتراف الدولي بمغربية الصحراء، بدءاً بجزر القمر التي افتتحت قنصلية في العيون عام 2019، مروراً بالاعتراف التاريخي للولايات المتحدة الأمريكية عام 2020، ثم إسبانيا في 2022، وإسرائيل في 2023، والمملكة المتحدة تحت حكومة حزب العمال في يونيو 2025. هذه التطورات تضع البرتغال أمام مسؤولية تاريخية لمواكبة هذا التوجه.
ويؤكد النص على العمق الاستراتيجي للعلاقات المغربية البرتغالية، مشيراً إلى أن المغرب ليس مجرد جار، بل هو شريك تاريخي وحليف أساسي، مما يجعل تعزيز العلاقات معه أولوية استراتيجية لا تحتمل التأويل.
وفي الجلسة النقاشية، أكد النائب دييغو باتشيكو أموريم من حزب “شيغا” أن مشروع القرار يهدف إلى الدفاع عن المصالح الدائمة للبرتغال مع شريكها المغربي، داعياً إلى إنهاء الغموض وتبني موقف واضح يدعم السلام والاستقرار في المنطقة.
يأتي هذا النقاش البرلماني في أعقاب الإعلان المشترك الصادر عن وزيري خارجية البلدين في يوليو الماضي، والذي أعربت فيه البرتغال عن دعمها لمبادرة الحكم الذاتي كأساس “جدي ومصدوق” لحل النزاع، مما يفتح الباب أمام تحول تدريجي في الموقف الرسمي البرتغالي.
يُتوقع أن يُطرح مشروع القرار للتصويت في جلسة عامة بالبرلمان قريباً، في خطوة قد تشكل منعطفاً تاريخياً في مسار الدبلوماسية البرتغالية تجاه واحدة من أقدم القضايا في المنطقة، وتعزز بشكل أكبر الشرعية الدولية للموقف المغربي.