شهد جبهة البوليساريو الانفصالية زعزعة داخلية غير مسبوقة، بعد أن وجهت صحيفة “ECSAHARAUI”، التي طالما كانت لسان حال التيار الانفصالي المدعوم من الجزائر، انتقادات حادة ومباشرة للقيادة، وصفها خلالها بأنها “غير كفؤة وفاسدة”، في خطوة تكشف عن شرخ عميق وتمرد على خطاب الوحدة الذي ترفعه القيادة لعقود.
وانتقلت الصحيفة، في افتتاحية مثيرة تحت عنوان “المؤتمر السادس عشر للبوليساريو: القشة التي قصمت ظهر البعير”، من دور المُشَجِع إلى دور المُنتَقِد، مُوجِّهة سهامها مباشرة إلى الأمين العام إبراهيم غالي وما يُعرف بـ”الحرس القديم” الذي يهيمن على هياكل الجبهة منذ عشرات السنين. واتهمتهم الافتتاحية بـ”خيانة القضية” عبر سياسات متقلبة وكارثية، هدفها خدمة المصالح الشخصية، وأدت إلى إضعاف الحركة سياسياً إلى “مستويات شبه خامدة”.
هذا التحول الإعلامي المفاجئ لم يأت من العدم، بل هو تتويج لتراكم سنوات من الجمود السياسي وسوء الإدارة واحتكار السلطة، مما أفقد الجبهة قدرتها على تطوير إستراتيجية فعالة أو تجديد دمائها. وأصبحت الجبهة، وفقاً للوصف، رهينة للفساد والمحسوبية المتراكمة، بينما تتصاعد الأصوات الناقدة من داخل صفوفها نفسها.
مراقبون يرون في هذه “الانتفاضة الإعلامية” مؤشراً واضحاً على هشاشة السلطة داخل البوليساريو وغياب أي إرادة حقيقية للإصلاح أو التجديد من الداخل. كما أنها تكشف أن ستار “الوحدة” الذي تختفي خلفه القيادة لم يعد قادراً على إخفاء حالة السخط والتذمر المتصاعدة.
الأزمة الحالية قد تشكل نقطة تحول تاريخية في مسار الجبهة، حيث لم يعد الخطاب التقليدي مقنعاً، فيما يترقب الصحراويون قيادة جديدة قادرة على استعادة الشرعية المفقودة وإعادة الزخم السياسي للقضية. المطالبات بالإصلاح الشامل وتجديد النخبة لم تعد أصواتاً هامشية، بل أصبحت جزءاً جوهرياً من النقاش الداخلي، في مشهد لم يُعهد من قبل، مما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من عدم الاستقرار وربما التغيير داخل هياكل جبهة البوليساريو.