لا شك أن جائحة كوفيد-19 أحدثت صدمة غير مسبوقة على مستوى العالم، ودفعت العديد من الدول إلى إعادة التفكير في استراتيجياتها الاقتصادية.
ومع اقتراب المغرب من ختام سنة 2025، لا تزال تداعيات الجائحة تلوح في الأفق، مما يستدعي وقفة تأمل واستعراض للتحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني وفرص التعافي المنتظر.
الركود الاقتصادي: الأرقام تتحدث في بداية الجائحة، عانت معظم القطاعات الاقتصادية من انخفاض حاد في معدلات النمو.
وبحسب تقرير للبنك الدولي، تراجع الناتج المحلي الإجمالي المغربي بنسبة 7% خلال عام 2020، وهو ما يعتبر من أكبر الانخفاضات في السنوات الأخيرة.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أدت القيود المفروضة للحد من انتشار الفيروس إلى تسريح الآلاف من العمال، مما أثر بشكل مباشر على مستوى معيشة الأسر المغربية.
القطاعات الأكثر تضررًا كان لقطاع السياحة النصيب الأكبر من الأضرار، حيث تم إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية، مما أدى إلى خسارة المغرب لعائدات سياحية تجاوزت 80% مقارنة بسنة 2019. من جهة أخرى، تأثرت القطاعات الأخرى مثل الصناعة، التجارة والخدمات، حيث نجم عن ذلك ارتفاع معدلات البطالة وازدياد حالات الفقر.
استراتيجيات التعافي: هل تكفي الحلول المؤقتة؟ استجابت الحكومة المغربية بشكل سريع للتحديات الاقتصادية، حيث أطلقت مجموعة من البرامج لدعم المقاولات المتضررة، بالإضافة إلى دعم الأسر الأكثر هشاشة.
ومن بين هذه البرامج، برنامج “أوراش” الذي يهدف إلى خلق فرص عمل مؤقتة في مجالات مختلفة، ليساهم بشكل جزئي في تقليل الآثار السلبية للجائحة.
ومع ذلك، فإن الاعتماد على الحلول الآنية لا يكفي لضمان انتعاش دائم.
يجب على الحكومة أن تضع استراتيجيات طويلة الأمد تهدف إلى تحفيز الاقتصاد الوطني، مثل الاستثمار في البنية التحتية، تعزيز الابتكار، وتطوير القطاعات الواعدة كالتكنولوجيا الرقمية والزراعة المستدامة.
فرص جديدة:
انتعاش قابل للتحقيق رغم التحديات الكبيرة، يجب أن نرى في هذه الأزمة فرصة للتغيير والتكيف. فعلى سبيل المثال، لقي نمط العمل عن بُعد رواجًا كبيرًا خلال الجائحة، مما يمكن أن يؤدي إلى تحسين الإنتاجية وتقليل الضغوط على النقل والمواصلات.
كذلك، كان هناك اهتمام متزايد بالمنتجات المحلية، مما يوفر فرصة لتعزيز الصناعة الوطنية.
في نهاية المطاف، يبقى الأمل قائمًا في قدرة حكومة المغرب على اتخاذ التدابير اللازمة والفاعلة لتوجيه دفة الاقتصاد نحو بر الأمان، وحماية مصالح المواطنين في ظل ظروف مليئة بالتحديات. يتطلب المستقبل تخطيطًا استباقيًا يستند إلى البيانات ورؤية واضحة تأخذ بعين الاعتبار الدروس المستفادة من الجائحة.
وبذلك، يمكن للمغرب أن يتجاوز تأثيرات كوفيد-19 ويعيد بناء اقتصاده بما يتماشى مع تطلعات المواطنين وطموحاتهم.