في مشهد دبلوماسي يثّقف على تحول جوهري في قضية الصحراء المغربية، شهدت الجزائر وداعاً رسمياً مُفعماً بالرمزية لسفير الجمهورية الوهمية، في ظل مؤشرات ترجح بدء تراجع الجزائر عن دعم هذا الكيان المصطنع. لم يكن هذا الحدث مجرد انتهاء مهمة دبلوماسية؛ بل كان بمثابة إشارة واضحة إلى انهيار وهم استمر لعقود، كاشفاً عن تطورات استراتيجية في الموقف الإفريقي والدولي.
قبل الخوض في تفاصيل الحدث، يجب التنويه إلى أن وصف “الجمهورية الوهمية ليس تهجماً، بل عبارة أطلقها بنفسه مؤسس ذلك الكيان، وأبرز قادة نظام القذافي، حيث أكدوا مراراً أن الهدف من إنشائها هو الضغط على المغرب، وأنها كيان لا وجود له على أرض الواقع، مجرد خدعة دبلوماسية وتقنية مهددة بالزوال كما يتضح من شهادة محمد أبو القاسم الزوي، آخر أمين لمؤتمر الشعب العام بليبيا.
وفي مشهد يعكس تلاشي هذا الوهم، رصدت وسائل الإعلام الجزائرية لقطات مباشرة ومفصلة لوداع السفير، في احتفال لن ينساه التاريخ، لا سيما مع تكريس الحدث كالمشهد الأخير في مسيرة دولة يعتمد وجودها على وهم سياسي، وسط إشارات واضحة عن تغيّر مواقف بعض الدول الإفريقية.
ومن أبرز هذه المؤشرات، سحب دولة كينيا اعترافها بـ”الجمهورية الوهمية”، وهو انتصار دبلوماسي استثنائي للموقف المغربي، ويأتي ضمن تحول استراتيجي يصب في سياق تكثيف الجهود الدولية لإنهاء النزاع المفتعل. والمثير أن هذا الموقف يذكر بحالة مشابهة في دمشق، حيث أدرك العالم أن الداعم الرئيسي لهذا الوهم هو التكتل الأنگلو-أفريقي بقيادة جنوب إفريقيا حليف الجزائر، الأمر الذي يعزز من مؤشرات توجه إقليمي ودولي لنفي شرعية الكيان الوهمي.
وفي حين تترجم خطوة كينيا بداية النهاية لوهم الجزائر، فإنها تفتح آفاقا واسعة لمزيد من الدول الإفريقية للانضمام إلى الموقف المغربي، والذي من شأنه أن يسرع في عمليات طرد “المكاتب والخلايا” التابعة للجبهة الانفصالية من القارة الإفريقية، وتحويل الملف من أروقة الأمم المتحدة إلى واقع سياسي يُعترف فيه بوحدة المغرب وسيادته على أراضيه.
وفي سياق متصل، يتوقع أن يشهد عام 2025 تحولات حاسمة، مع اقتراب ذكرى المسيرة الخضراء، حيث يلوح في الأفق نهاية وهم الانفصال، في إشارة إلى أن استراتيجيات المغرب ستتوج بنجاح سياسي ودبلوماسي كبير، يُرسّم نهاية حقبة من الوهم والاستقواء على وحدة التراب الوطني.
وفي الختام، فإن توديع سفير الوهم هو رسالة رمزية قوية، تعكس بداية مرحلة جديدة من الصراع الدبلوماسي، عنوانها استعادة المغرب لموقفه الثابت، في وقت يشهد فيه الملف تحولات نوعية تؤكد أن أيام الوهم باتت معدودة، وأن إرادة الدولة المغربية في استرجاع سيادتها تقترب من أن تصبح حقيقة مطلقة