سلط “مجلس المنافسة” المغربي، في تقريره السنوي لعام 2023. الضوء على أحد الأسباب الرئيسية وراء معدلات التضخم المرتفعة التي يشهدها الاقتصاد المغربي. واصفًا بعض ممارسات الشركات الكبرى بـ”الجشع التضخمي”.
واتهم المجلس شركات كبرى باستغلال قوتها السوقية لرفع الأسعار بشكل مبالغ فيه. وتحقيق أرباح غير مبررة. على الرغم من تراجع الضغوط التضخمية الخارجية التي أثرت على السوق عام 2022.
التضخم بين عامي 2022 و2023: الأسباب والنتائج
أوضح التقرير أن التضخم المسجل عام 2022 كان مدفوعًا بشكل رئيسي بـ”صدمات العرض الخارجية”. مثل ارتفاع أسعار الواردات نتيجة الأزمات العالمية. فيما التضخم المسجل عام 2023 تأثر بعوامل مختلفة.
وأضاف أنه وعلى الرغم من أن الضغوط التضخمية الخارجية خفتت، استمر التضخم. مرجعا الأمر لممارسات احتكارية من قبل شركات كبرى.
التلاعب بالأسعار وقوة السوق في المغرب: كيف استغلت الشركات التضخم؟
الركود الاقتصادي بالمغرب
تراجع التضخم المستورد واستمرار ارتفاع الأسعار
تطرق مجلس المنافسة في تقريره لانخفاض حدة التضخم المستورد خلال عام 2023. حيث بدأت أسعار الواردات العالمية في التراجع.
وأفاد المجلس أن هذا التراجع لم ينعكس بشكل مباشر على أسعار المستهلكين، حيث واصلت بعض الشركات رفع الأسعار، مستغلة قوتها في السوق.
وأوضح التقرير أن قطاعات مثل الغذاء والوقود ظلت متقلبة. متأثرة بالصدمات المناخية والظروف المحلية، وخاصة في مجال الخضروات والفواكه.
“الجشع التضخمي”: ممارسات غير أخلاقية تضر بالمنافسة
أبرز تقرير مجلس المنافسة أن بعض الشركات الكبرى استخدمت ما أسماه “الجشع التضخمي” لتحقيق أرباح إضافية.
وأشار لاستغلال الشركات للمناخ التضخمي لزيادة الأسعار بطريقة تتجاوز ارتفاع تكاليف الإنتاج. وفي حالات عديدة، قامت الشركات برفع أسعار منتجات لم تشهد أي ارتفاع في تكاليفها. مبرزا أن هذا الأمر أثر بشكل مباشر على القوة الشرائية للمستهلكين وأضر بالتوازن التنافسي في السوق.
الطلب والاستهلاك: تأثير الانتعاش الطفيف على التضخم
أوضح التقرير أن الطلب المحلي لعب دورًا محوريًا في ضبط التضخم. رغم وجود انتعاش طفيف في استهلاك الأسر، عام 2023. مضيفا أن هذا الانتعاش لم يكن كافيًا لدفع الأسعار للارتفاع المفرط.
وأفاد بأن ارتفاع معدلات البطالة وتدهور القدرة الشرائية ساهم في تقليل الطلب على المنتجات والخدمات. وهو ما ساعد على كبح جماح التضخم.
تأثير السياسات النقدية على التضخم
وقف التقرير حول دور السياسات النقدية في كبح التضخم. مبرزا أن “بنك المغرب” قام بضخ السيولة في الاقتصاد لمواجهة زيادة احتياجات البنوك للسيولة. مضيفا أن تباطؤ نمو القروض الأسرية، نتيجة تشديد السياسة النقدية، ساهم في تخفيف التضخم. ويبدو أن هذه السياسات ساعدت في إبقاء الأسعار تحت السيطرة نسبيًا.
تعزيز المنافسة وسيلة لكبح التضخم
شدد مجلس المنافسة على ضرورة تعزيز المنافسة في السوق لضمان استقرار التضخم على المدى الطويل. مبرزا أن المنافسة القوية تساعد في منع الاحتكار وبالتالي الحد من ممارسات استغلال المستهلكين.
وحذر المجلس من كون المساعدات الحكومية والاتفاقيات بين الشركات قد تشوه المنافسة وتحمي الأرباح غير المبررة.
توصيات: نحو سوق أكثر توازنًا وشفافية
أوصى مجلس المنافسة بضرورة تبني سياسات اقتصادية متوازنة تأخذ بعين الاعتبار العوامل الاقتصادية الكلية والجزئية.
وأوضح أن هاته السياسات يجب أن تشمل تعزيز الشفافية في السوق. وضمان حيادية المنافسة بين الشركات. وأيضا اتخاذ تدابير فعالة لمكافحة التضخم واستغلال المستهلكين.
وأشارت نتائج التقرير إلى أن المنافسة الفعالة ليست فقط ضرورية لضمان توازن السوق. بل هي أيضًا أداة حيوية لضمان استقرار الأسعار وحماية المستهلكين من “الجشع التضخمي” الذي يمارسه بعض الفاعلين الاقتصاديين.