جريدة

الداخلة.. تسليط الضوء على زوايا الصحراء في يوم دراسي

mediaenquete24

سلطت زاوية الشيخ عبد العزيز بن الشيخ المامي، يوم أمس الإثنين في يوم دراسي بالداخلة، الضوء على تراث هذه الزاوية والتعريف بأدوارها ومكانتها ومناقشة تراثها الإجتماعي و القضائي و العلمي، خلال أربعة محاور علمية أطرها باحثون و دكاترة متخصصون في المجال.

 

 

 

 

 

وفي مداخلته الافتتاحية لأشغال هذا اللقاء الدراسي، المنظم تحت شعار “الزوايا العريقة بالصحراء في خدمة الثوابت الدينية والوطنية”، قدم الشيخ المامي أحمد بازيد، رئيس المنتدى المدني للحوار، ورقة بحثية تعريفية بزاوية الشيخ عبد العزيز بن الشيخ محمد المامي الباركي، التي تقع معالمها في أطراف صحراء جهة الداخلة وادي الذهب بإقليم أوسرد، عند ضريح مؤسسها المجاور للبئر التي شيدها أهل بارك الله المسماة بأرش اعمر.

 

 

 

 

 

 

 

وذكر المتحدث ذاته أن مؤسس هذه الزاوية الشيخ عبد العزيز عاش في الفترة ما بين سنتي 1808م و1902م بمنطقة تيرس، وهو خريج زاوية والده الشيخ محمد المامي التي تعتبر إحدى كبريات المدارس في الغرب الإسلامي، حيث لازمه زهاء خمسة عقود إلى حين وفاة الشيخ محمد المامي سنة 1865 م، وهي الفترة التي عاين فيها الشيخ عبد العزيز تأليف الشيخ محمد المامي لأهم مصنفاته العلمية، خاصة كتاب البادية ونظم مختصر خليل وكتاب القواعد الفقهية.

 

 

 

 

 

 

وأشار أحمد بازيد إلى أن “الشيخ عبد العزيز كان رجلا حكيما، ذا مكانة خاصة في المجتمع”، مستشهدا بكتابات وأشعار أعيان وعلماء المنطقة؛ كالعلامة الشيخ ماء العينين، والمؤرخ المختار ول حامدن، والأديب محمد عبد الرحمن بن الرباني.

 

 

 

 

 

 

كما كشف الباحث الأكاديمي عن وثائق وتقارير الغربيين المعاصرين للشيخ عبد العزيز، والتي تبرز هذه المكانة؛ من أهمها تقرير الضابط الإسباني إيمليوبونيلي سنة 1885م الموجه إلى الإدارة الاسبانية، حيث يصف الشيخ عبد العزيز بالشخصية التي تتمتع بالسلطة والاحترام العام في عموم المنطقة، إلى جانب تقرير آخر للبعثة الفرنسية المكلفة بدراسة الساحل الشمالي لموريتانيا، التي تصف عبد العزيز بالشيخ الموقر في منطقة تيرس، وكان اسمه وسلطته كفيلين بتوطيد الأمن والاستقرار؛ وذلك في استقصاء قامت به البعثة عند قدومها إلى المنطقة المحاذية للكويرة سنة 1907م.

 

 

 

 

 

 

وأكد رئيس المنتدى أن “إشعاع هذه الزاوية وأدوارها الاجتماعية استمر إلى منتصف القرن العشرين، حيث أقرت الإدارة الإسبانية في رسالة وجهتها في 26 يوليوز 1945 إلى الشيخ ابن عبد العزيز (الملقب الدَّياخ) باعتمادها فتاوى الشيخ محمد المامي في نوازل الأحكام كمرجعية في تلك الربوع”، لافتا إلى أن “هذه الزاوية ظلت حاضرة بالمنطقة إلى حدود منتصف السبعينيات، حيث يوثق الإحصاء السكاني لسنة 1974 هذه الدينامية. ومع اندلاع الحرب في السبعينيات، هاجر سكان ارش اعمر ومحيطه، لتصبح منطقة خالية بعدما صارت ميدانا للمعارك، لتبقى حسب وصفه هذه الآثار اليوم بارش اعمر شاهدة على هذا المكان الذي يعبق بالتاريخ وتحمل أطلالها المسؤولية لأحياء هذه الزاوية ذات المرجعية التاريخية والثقافية العريقة التي تربط شمال الوطن بأقصى جنوبه”.

 

 

 

 

 

الدكتور محمد ماء العينين، الباحث في التاريخ المعاصر والتراث الحساني، قدم قراءة في السياقات التاريخية والاجتماعية لتأسيس هذه الزاوية وتفاعلها مع محيطها، وإسهامها البارز في تحقيق الأمن والاستقرار، والحفاظ على القيم وترسيخ الثوابت الوطنية والدينية.

 

 

 

 

 

 

من جهته، أبرز الدكتور محمد ماء الخال، الباحث في التراث القضائي بالمنطقة، الأدوار الإصلاحية الكبيرة التي لعبتها زاوية الشيخ عبد العزيز بن الشيخ المامي من خلال تقديم وثائق تاريخية التي تمثل شواهد حية على الأثر البارز للزاوية في تعزيز السلم الاجتماعي، وتمتين عرى الألفة وإصلاح ذات البين، والسعي إلى تكريس ثقافة الصلح ونشر قيم المحبة والتكافل الاجتماعي في وسطها ومحيطها.

 

 

 

 

 

 

 

من جانبه، استعرض الدكتور أحمد بزيد بارك الله، الباحث المتخصص في السيرة النبوية، أهم أوجه ومجالات العطاء العلمي والأدبي للزاوية، والذي يتميز بالغنى والتنوع من حيث الآثار النثرية والشعرية في مختلف العلوم الشرعية والعلمية، مشيرا إلى أن “هذا التراث في حاجة ماسة إلى مزيد من العناية من أجل جمعه ودراسته وتحقيقه”.

 

 

 

 

 

 

وخلصت فعاليات الندوة العلمية إلى ضرورة منح المزيد من العناية بهذه الزاوية العريقة بالمنطقة، والتعريف بها وبمؤسسها وإحياء تراثها العلمي والأدبي وتحقيقه ونشره في أبحاث ودراسات أكاديمية. كما أوصت على “تنظيم لقاءات دراسية حول الزاوية وموروثها الثقافي والفكري والقضائي، والاستفادة منه خدمة للثوابت الدينية والوطنية”.