الرباط.. تنظيم ندوة حول “الإضاءات الحضارية في فكر أبي حيان التوحيدي”
أكد المشاركون في ندوة حول “الإضاءات الحضارية في فكر أبي حيان التوحيدي”، اليوم الإثنين بالرباط، أن هذا الأديب الفيلسوف تمكن من المزج بين الأدب والفلسفة وسلط الضوء على قضايا إنسانية برزت فلسفيا في العصر الحديث.
وأوضح المشاكون في الندوة، التي نظمتها منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، أن أبي حيان التوحيدي خلف إرثا غنيا في التلاقح والمثاقفة والتسامح والحوار والمناظرة، مسجلين أن فكره شكل إطارا نظريا تتلاقى خلاله الحدود كافة بين الأفراد والجماعات والثقافات.
وأضاف المتدخلون أن النهج الفكري الفريد لأبي حيان التوحيدي ينطوي على إيماضات زاخرة بالحلول والمعالجات للعديد من معضلات التعايش الإنساني، من قبيل نسبية الخير والشر، وإشكالية الوجود الإنساني، والقضاء والقدر، وغيرها من القضايا التي طرحت في الفلسفة الحديثة.
وسلطوا، من ناحية أخرى، الضوء على تجربة التوحيدي الشخصية، وتقلبات حياته ومحنه السياسية، التي انعكست على كتاباته، معتبرين أن هذا الفكر يمكن أن يسهم اليوم في مجابهة جملة من دوافع الصراع الثقافي ومسبباته.
وفي كلمته الافتتاحية، أكد المدير العام للإيسيسكو، سالم بن محمد المالك، أن فكر أبي حيان التوحيدي وضعه في صدارة الدعوة إلى تلاقح الثقافات والتقاء الحضارات منذ ألف عام، موضحا أن توالي العصور والدهور لم يطفأ شعلة التوهج في أفكاره في العصر الحديث.
وقال السيد المالك إن فكر أبي حيان التوحيدي كان له السبق العجيب في تصويب الفكر لعالم الأمم والحضارات والشراكات الإنسانية في الإعمار وعدم الإحجام عن النهل من ثقافات الغير والنقل إليها، مسجلا أن مؤلفات التوحيدي أكدت بالدلائل أن الفكر الإسلامي كان في طليعة الدعاة إلى نبذ التعصب الأعمى والعنصرية العرجاء.
ومن جهته، قال المدير العام للمركز الثقافي الإسلامي بلندن، أحمد الدبيان، في كلمة بالمناسبة، إن فكر أبي حيان يتميز عن غيره في كونه مزج بين الأدب والفلسفة، موضحا أن نتاج مزج هذين الخطين كان شخصية أبي حيان التوحيدي الحداثية المتميزة.
وأضاف الدبيان أن الشخصية الحداثية لأبي حيان وجهت الانتباه إلى أشياء كثيرة متعلقة بالمعاناة الإنسانية، وتساؤلات حول الوجود، وإشكالية الفصل ما بين النظرية والتطبيق في الحياة، مشيرا إلى أن كل الأفكار التي دونها أبو حيان في كتاباته ومؤلفاته سلطت الضوء على مجموعة من الرؤى الحديثة التي برزت فلسفيا في العصر الحديث.
ويمثل أبو حيان التوحيدي (310-414 هـ) وجها من وجوه التواصل المعرفي من داخل الحضارة الإسلامية. ولقب التوحيدي بلقب “فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة” كون أسلوبه جمع بين الإقناع والإمتاع وبين مخاطبة العقل والوجدان.
ولأبي حيان التوحيدي العديد من الكتب والمؤلفات لعل أبرزه “الإمتاع والمؤانسة” و”المقابسات” و”البصائر و الذخائر” و”الصداقة والصديق” و”الإشارات الإلهية” و”ثمرات العلوم” و”الرسالة البغدادية”.
وعرفت الندوة مشاركة أكاديميين وجامعيين ومسؤولين ومفكرين وباحثين في الشأن الثقافي والفلسفي. وتناولت المداخلات تيمات متعددة من بينها “علاقة الأنا بالغير عند أبي حيان التوحيدي” و’أبي حيان التوحيدي ومسألة التحديث” و”قراءة في السياق الفكري لأبي حيان التوحيدي”.