جريدة

الرباط ندوة تناقش سبل حماية المراة من العنف الرقمي .

وهدفت هذه الندوة، التي نظمتها المحكمة والمكتب الجهوي للودادية الحسنية للقضاة بالرباط بشراكة مع رئاسة النيابة العامة، إلى تسليط الضوء على تنامي أشكال العنف الرقمي ضد النساء في ظل التطور الرقمي والإقبال المتزايد على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

وفي هذا الصدد، قال الرئيس الأول لدى محكمة الاستئناف بالرباط، مصطفى لغزال، إن موضوع الندوة يتمحور حول الإجراءات الحمائية بشأن ما تتعرض له النساء في الفضاء الرقمي من عنف نفسي، نتيجة التطور الرقمي.

 

 

وأبرز أن أشكال هذا العنف متعددة، ضمنها قرصنة الحسابات أو التقاط محادثات دون إذن، ما ينعكس سلبا على نفسية النساء ويسبب لهن أشكالا مختلفة من الأذى، مشيرا إلى وجود تخوف لدى النساء من التبليغ عما تتعرضن له من جرائم رقمية خوفا من ردود فعل المجتمع والأسرة.

 

وبعد استعراضه لمختلف الانعكاسات السلبية لهذه الظاهرة على النساء الضحايا، دعا السيد لغزال إلى إشراك، على الخصوص، القطاعات الحكومية والمجتمع المدني من أجل التحسيس بهذه الظاهرة بغية تقديم مزيد من الضمانات لحماية النساء، مؤكدا على ضرورة تبسيط المساطر القانونية لتشجيع النساء على التبليغ عن الجرائم الرقمية التي يتعرضن لها، وتنظيم دورات تكوينية لفائدة القضاة والمصالح المختصة بهدف استيعاب العالم الرقمي بشكل أدق.

من جهته، أكد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، عبد العزيز الراجي، أن الفضاء الرقمي، على الرغم من المزايا التي قدمها على مستوى التواصل والمشاركة في الحياة العامة، إلا أنه يمكن أن يشكل مصدر تهديد وتمييز ضد النساء في شكل سلوك أو تصرف من طرف شخص أو مجموعة أشخاص، مبرزا أن هذا الموضوع يهم جميع الشرائح، ويعد من المشاكل الكبرى التي تقض مضجع العديد من النساء، إذ تتجلى خطورته في الارتفاع المهول لهذا العنف نتيجة تزايد الاستعمال “غير المسؤول” لهذه المنصات.

ودعا، في هذا الإطار، إلى ضرورة تكاثف الجهود من أجل حماية المرأة من هذا العنف، ووضع خطة استراتيجية محكمة لمعالجة الظاهرة ومحاربتها، مع إشراك جميع الفاعلين قصد التوعية بخطورة الاستعمال غير الآمن لمنصات التواصل الاجتماعي، والاستعانة بالتقنيات الحديثة لضبط هذه الجرائم.

من جانبه، أكد ممثل رئاسة النيابة العامة، محمد شبيب، أن موضوع حماية المرأة عموما يندرج ضمن استراتيجية رئاسة النيابة تفعيلا لدورها الدستوري في حماية الحقوق والحريات ولأولويات السياسة الجنائية بالمغرب، مشيرا إلى أنها تسهر على تتبع عمل النيابات العامة في الموضوع، لا سيما ما يخص تسهيل ولوج النساء ضحايا العنف إلى الحماية القضائية، ومنع استمرار العنف ضدهن، وخصوصا العنف الرقمي، وجسدت ذلك من خلال العديد من الدوريات التي تم توجيهها إلى النيابات العامة.

وشدد السيد شبيب على أهمية التكوين والتدريب حول موضوع العنف الرقمي من أجل دعم وتعزيز قدرات القائمين على معالجة هذا النوع من القضايا، خاصة أن “الأمر يستوجب توفرهم على خبرات ومهارات خاصة قد لا تتطلبها معالجة باقي أنواع العنف الكلاسيكي”، ما يقتضي اطلاع كافة المعنيين بقضايا العنف ضد النساء على هذه الخبرات والاستفادة منها، مضيفا أن رئاسة النيابة العامة لا تتوانى، في هذا الإطار، في معالجة هذا الموضوع في العديد من الدورات التكوينية التي تم تنظيمها لفائدة قضاة النيابة العامة إلى جانب قضاة الحكم، وكذا المشاركة في تأطير العديد من اللقاءات التي طرحت الموضوع للنقاش.

واعتبر رئيس المكتب الجهوي للودادية الحسنية للقضاة بالرباط، محمد شنضيض، من جانبه، أنه بقدر ما أصبحت الرقمنة رافعة أساسية للتنمية، وتساهم في تمكين الفئات الهشة من الولوج بسهولة إلى الخدمات الاجتماعية، والمعرفة والعلم، بقدر ما باتت تشكل تهديدا على الصحة النفسية وسلامة العديد من الأشخاص من بينهم النساء والفتيات.

وسجل أن العنف ضد النساء لم يعد يقتصر على الفضاء العام، بل توسع ليشمل الفضاء الرقمي والعالم الافتراضي، ليخلق بذلك مساحة شاسعة من التنمر والتمييز ورفض الآخر، والمس من كرامته ومعنوياته، سواء عبر الإساءات اللفظية العنصرية بالتعليق على شبكات التواصل الاجتماعي أو الرسائل الخاصة، أو التنمر الإلكتروني على المظهر الخارجي، أو الابتزاز النفسي أو التهديدات.

وقال إن العنف الرقمي أضحى يشكل مصدر قلق كبير يهدد السلامة البدنية والنفسية للمرأة والفتاة، كما تترتب عنه آثار وعواقب وخيمة تؤثر سلبا على تواجدهن في المجتمع ومشاركتهن اليومية، مضيفا أن الحديث عن العنف الرقمي ضد النساء يرتبط بحاضر ومستقبل المجتمع الإنساني عامة، إذ تهدده مخاطر مستحدثة ترتبط بالتطورات التكنولوجية الكبيرة والمتلاحقة التي أتاحت لغالبية الأفراد استخداما متزايدا للأنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي.

وتم خلال هذا اللقاء، الذي عرف حضور مسؤولين قضائيين ومحامين، تكريم مجموعة من الفعاليات النسائية التي تشتغل في المجال القضائي.