في خضم الإبادة الجماعية التي تشهدها غزة منذ أكتوبر 2023، برز المحتوى الرقمي الفلسطيني كقوة لا يستهان بها في مواجهة التعتيم الإعلامي وكسر الحصار المعلوماتي. فعلى مدار عام كامل، نجحت منصات التواصل الاجتماعي في نقل صورة حية ومباشرة للمأساة الإنسانية في القطاع، متجاوزة الحدود الجغرافية والسياسية لتصل إلى شرائح واسعة من المجتمع العالمي.
لقد أحدث هذا التدفق المعلوماتي تحولاً جذرياً في طريقة تفاعل الجمهور العالمي مع القضية الفلسطينية. فللمرة الأولى، أصبح بإمكان الملايين حول العالم أن يشهدوا بأعينهم، وفي الوقت الحقيقي، حجم المعاناة والدمار الذي يتعرض له سكان غزة. هذا الانفتاح المعلوماتي لم يقتصر على نقل الصورة فحسب، بل ساهم في خلق موجة تضامن عالمية غير مسبوقة، تجاوزت الحدود الثقافية والدينية.
ومن الملفت للنظر أن هذه الثورة الرقمية قد نجحت في استقطاب فئات عمرية متنوعة، مع تركيز خاص على جيلي “زيد” و”ألفا”.
هذه الأجيال الشابة، التي نشأت في عصر الإنترنت، وجدت في المنصات الرقمية وسيلة فعالة للتعبير عن تضامنها وللمشاركة في نشر الوعي حول القضية الفلسطينية. وقد تجلى هذا الدور بشكل واضح في الحراك الطلابي بالجامعات الغربية، حيث قادت هذه الفئة العمرية احتجاجات واسعة النطاق دعماً للقضية الفلسطينية.
لكن هذا النجاح لم يأت دون تحديات. فقد واجه المحتوى الرقمي الفلسطيني حملة شرسة من الرقابة والتقييد، سواء من قبل الخوارزميات التي تتحكم في المنصات الرقمية، أو من خلال الضغوط السياسية التي تمارسها بعض الحكومات.
ورغم هذه العقبات، نجح الناشطون الفلسطينيون ومناصروهم في ابتكار أساليب جديدة لتجاوز هذه القيود، مستفيدين من مرونة التكنولوجيا الرقمية وقدرتها على التكيف.
وفي ظل هذا المشهد المتغير، برزت أهمية المنصات الرقمية كفضاء بديل للتعبير، خاصة في الدول التي تفرض قيوداً على الاحتجاجات العامة. فقد وفرت هذه المنصات متنفساً للأصوات المؤيدة للقضية الفلسطينية، حتى في المجتمعات التي تتبنى حكوماتها مواقف مغايرة.
المجلس الوطني للاستقلال…الحرس القديم” يحافظ على مقاعده وبادو تسحب ترشيحها وحمدي “يتوافق” مع بركة
إن هذا التحول في المشهد الإعلامي لم يغير فقط طريقة نقل المعلومات حول الصراع، بل أعاد تشكيل الوعي العالمي حول القضية الفلسطينية برمتها. فمن خلال القصص الشخصية، والصور الحية، والبث المباشر، استطاع المحتوى الرقمي الفلسطيني أن يخلق جسراً إنسانياً بين معاناة سكان غزة والمشاهدين حول العالم، متجاوزاً بذلك الحواجز السياسية والثقافية.
وفي الختام، يمكن القول إن الثورة الرقمية الفلسطينية قد نجحت في تحدي السرديات السائدة وإعادة صياغة الخطاب العالمي حول الصراع.
ومع استمرار الأزمة في غزة، يبقى المحتوى الرقمي أداة حيوية في نقل الحقائق وحشد التضامن العالمي، متحدياً محاولات التعتيم وفارضاً نفسه كمصدر لا غنى عنه للمعلومات والتأثير في الرأي العام العالمي.