وتعد هذه الدورة الثانية التي يتم تنظيمها في إطار “مركز مصالحة” المُحدث بموجب اتفاقية شراكة وقعها شركاء “برنامج مصالحة” في نونبر 2023، تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، بهدف تنفيذ استراتيجيات وبرامج الوقاية من التطرف العنيف، وإعادة تأهيل وإدماج المحكوم عليهم في إطار قضايا التطرف والإرهاب.
وتتم عملية إعادة التأهيل والإدماج، وفق المركز، من خلال رسملة التجارب والممارسات الفضلى المحصل عليها ضمن البرنامج التأهيلي “مصالحة” في صيغته الحالية، وضمان استمراريته ومأسسته وتطوير أدائه، ودعم ومواكبة المستفيدين منه بعد الإفراج عنهم، بالإضافة إلى صياغة برامج للوقاية من مخاطر السقوط في التطرف، وإحداث نظام يقظة، واتخاذ التدابير الممكنة لحماية المحيط الأسري المباشر للمستفيدين من خطر تبني الأفكار المتطرفة.
وخلال هذا الحفل، تم تقديم شريط فيديو يستعرض أهم مراحل الدورة التي امتدت على مدى 4 أشهر ونصف من التكوين والتأهيل الديني والقانوني والحقوقي والسوسيو اقتصادي والنفسي، إذ بلغ عدد ساعات تنفيذ البرنامج 232 ساعة، 183 منها تم تخصيصها للتكوين، فيما كانت 59 ساعة مخصصة للأنشطة الموازية مثل المسرح والرسم والبستنة ودعم القدرات في القراءة والكتابة والحساب.
وجرى هذا الحفل بحضور، على الخصوص، المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، محمد صالح التامك، والأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، رئيس مركز مصالحة، أحمد عبادي، ورئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، آمنة بوعياش، ومنسق مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، عبد الواحد جمالي الإدريسي، وكذا ممثلي الشركاء المؤسساتيين والخبراء والأساتذة المؤطرين لحصص البرنامج.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، قال المنسق العام لمؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، إن لقاء اليوم يحتفي بالفوج الـ 14 لبرنامج “مركز مصالحة” في دورته الثانية التي استفاد منها 21 نزيلا، مشيرا إلى أن عدد المشاركين في هذا البرنامج بلغ منذ انطلاقه 322 نزيلا، من بينهم 12 نزيلة، حظي أكثر من 66 في المائة منهم بعفو ملكي سامي.
وأوضح السيد جمالي الإدريسي أن هذا البرنامج التأهيلي، الذي مكن النزلاء المعنيين من الاستفادة من تكوينات متعددة الأبعاد همت على الخصوص المجال الحقوقي والقانوني، يروم بناء مجتمع متضامن تسوده قيم الإخاء والسلام.
وفي تصريح مماثل، أبرز السيد أحمد عبادي أن هذه الدورة استفادت من “رسملة” كل التجارب المحصلة خلال الدورات الـ13 السابقة، وذلك عبر مواكبة وثيقة من باحثين وباحثات في مراكز مختصة، شملت على الخصوص البعد الحقوقي وقرنه بأبعاد الواجبات، ثم البعد المتعلق بفهم الدين، من خلال ترسيخ المفاهيم السليمة والأصيلة في نفوس المستفيدين من هذا البرنامج.
وقال إن هذه الدورة “استهدفت كسابقاتها تحقيق ثلاثة أنواع من المصالحة وهي: المصالحة مع الذات من خلال اكتساب كفاءات معرفية وسلوكية تمكن النزلاء من إعادة بناء ذواتهم، والمصالحة مع النص الديني من خلال العودة إلى الفهم الصحيح لروحه المبنية على الاختلاف والتسامح والانفتاح، والمصالحة مع المجتمع”.
وبدورها، أكدت السيدة آمنة بوعياش أن برنامج “مصالحة” يتسم بخصوصية استثنائية في ما يخص معالجة قضايا التطرف والإرهاب، مبرزة الدور الهام الذي يضطلع به “مركز مصالحة” في تكريس الممارسة الفضلى للدولة في مجال إدماج هذه الفئة من النزلاء ضمن نسيج المجتمع المغربي.
وأوضحت أن هذه المقاربة ترتكز على برامج التكوين العلمي والتأهيل النفسي للنزلاء من أجل تسهيل إعادة اندماجهم في المجتمع، إلى جانب استفادتهم من التأطير السوسيو اقتصادي وتمكينهم من إطلاق مشاريعهم عبر المواكبة والدعم المالي.
وفي السياق ذاته، عبر (محمد .س)، وهو أحد النزلاء المستفيدين من البرنامج التأهيلي “مصالحة”، والذي يتابع دراسته الجامعية بشعبة الدراسات الإسلامية، عن سعادته بالاستفادة من هذا البرنامج الذي أطره أساتذة أكفاء، ومكنه من تصحيح مفاهيم مغلوطة لديه حول قضايا دينية، معتبرا ذلك مدخلا أساسيا للمصالحة مع ذاته والنص الديني وجسرا نحو بناء مستقبل جديد.
وتجدر الإشارة إلى أن البرنامج التأهيلي “مصالحة” انطلق سنة 2017 ويستهدف السجناء المحكومين نهائيا في قضايا التطرف والإرهاب ممن يبدون رغبتهم في المشاركة. وقد تم الإفراج عن 235 سجينا بينهم 170 نزيلا بموجب عفو ملكي سامي (ضمنهم 10 نزلاء سبق وأن استفادوا من تخفيض مدة العقوبة بموجب عفو ملكي سامي، و04 سجناء استفادوا أيضا من العفو الملكي من الغرامة)، لتصل نسبة الاستفادة من العفو الملكي السامي إلى 66.76 في المائة من مجموع النزلاء المشاركين.