ألقت واقعة لجوء موظف شرطة يعمل بالأمن الجهوي بمدينة تازة إلى استخدام سلاحه الوظيفي لتوقيف شخص يحمل سلاحا أبيض، يهدد من خلاله سلامة المواطنين وموظفي الأمن، الضوء على هاته الظاهرة التي تلقى “ترحيبا واسعا” من المواطنين.
واستعمال السلاح الوظيفي بالمغرب يؤطره القانون الجنائي، تحديدا في المادتين 124 و125، تبيح استخدام السلاح للدفاع المشروع، وفي حالات الضرورة القصوى.
ويشيد غالبية النشطاء المغاربة الذين يتفاعلون مع أخبار وفيديوهات توثق تدخلات باستعمال السلاح الوظيفي لتوقيف خطر المجرمين، الذين يهددون الأمن العام غالبا باستخدام الأسلحة البيضاء، بما يقوم به رجال الأمن.
وتبقى عمليات استخدام السلاح الوظيفي بالمغرب ضئيلة؛ ففي سنة 2016، أكدت المديرية العامة للأمن الوطني أن “استعمال موظفي الشرطة لأسلحتهم الوظيفية، شأنها شأن باقي المعدات الموضوعة رهن إشارة أجهزة تطبيق القانون، يخضع لضوابط قانونية وتنظيمية صارمة، تحدد بدقة الإطار الشرعي لاستعمال الأسلحة النارية، وكذا الشروط الموضوعية والمهنية لهذا الغرض”.
ويرى خبراء أمنيون أن “استعمال السلاح الوظيفي قدم، بالفعل، نتائج مهمة في ردع نشاط الإجرام بالمغرب. كما أن ارتياح المواطنين لهذا الأمر نابع من رغبتهم في تحقيق الأمن العام”.
إحسان حافيظي، أستاذ جامعي خبير في السياسات الأمنية، قال إن “استعمال السلاح الوظيفي بالمغرب تؤطره دوريات صارمة من مديرية الأمن الوطني بشأن الحالات المسموح بها اللجوء إلى هذا الأمر”.
وأورد حافيظي ، أن إطارا آخر يتعلق بمدونة السلوك الخاصة بالموظفين المكلفين بإنفاذ القانون، “يحدد ضوابط استخدام السلاح الوظيفي؛ وأبرزها الضرورة القصوى، والتناسب”.
وبيّن الخبير الأمني أن “استعمال السلاح الوظيفي بالمغرب يأتي لردع خطر يهدد الأمن العام وموظفي الشرطة”، موردا أن “الأرقام الأخيرة للمديرية تؤكد أن التدخلات التي تمت جاءت بعد تحقق شرطي الضرورة القصوى والتناسب”.
وأوضح المتحدث ذاته أن استخدام السلاح الوظيفي يحقق الردع العام وكذا الخاص، الأخير ضد المجرمين والجانحين الذين يعتمدون على السلاح الأبيض في مواجهة رجال الأمن، مؤكدا أن “استعماله بالمغرب محدود مقارنة بالدول الأخرى”.
ولفت حافيظي إلى أن “وجود ارتياح لدى المواطنين نابع من رغبة المجتمع هو الآخر إلى جانب رجال الشرطة في تحقيق الأمن العام”، مشددا على أن “رجال الأمن يطمحون إلى الردع الخاص عبر مقاربات زجرية، ونادرا ما يلجؤون إلى السلاح الوظيفي”.
ورصد تقرير للمديرية العامة للأمن الوطني الخاص بسنة 2023 تراجع معدل الجريمة بنسبة 10 في المائة، وهو الحال لدى الجرائم العنيفة (القتل والضرب والجرح المفضي للموت) بنسبة 25 في المائة.
وارتياح المواطنين من هاته الظاهرة يراه عبد الرحمن مكاوي، خبير أمني، بسبب “افتعال الجرائم التي تهدد الأمن العام بالسلاح الأمن لحالة من الذعر لدى المجتمع، وهو ما يدفع الشرطي إلى استخدام حله الأخير لإعادة ضبط عقارب السلم والأمن”.
وأورد مكاوي، ضمن تصريح لمصادر صحفية ، أن الجرائم البسيطة باستخدام السلاح الأبيض تلقى في الواقع باهتمام ومتابعة قوية من قبل المجتمع المغربي، وتدخل رجال الأمن يبعث الارتياح مهما كانت مستوياته.
وشدد المتحدث سالف الذكر على أن “استعمال السلاح الوظيفي مؤطر بالقانون، وتدخلات الأمن تأتي في هذا الصدد، وتحرص على بحث الدوافع القانونية قبل إطلاق الرصاص”.
واعتبر مكاوي أن “تدخل رجال الأمن بالسلاح الوظيفي حقق بالفعل نتائج إيجابية، حيث حد من معدل الجريمة وشكل ردعا فعّالا ضد المجرمين الذين يستخدمون الأسلحة البيضاء”.
وفي تدخل تازة، أشار بلاغ المديرية العامة للأمن الوطني إلى أن “استعمال الاضطراري للسلاح الوظيفي مكّن من تحييد الخطر الناتج عن المشتبه فيه وتوقيفه، حيث تم الاحتفاظ به بالمستشفى المحلي تحت الحراسة الطبية، في انتظار إخضاعه للبحث القضائي الذي يجري تحت إشراف النيابة العامة المختصة؛ وذلك للكشف عن جميع ظروف وملابسات وخلفيات هذه القضية”.