في ظل التصاعد الخطير للمواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل، لم تعد تداعيات هذا الصراع مقتصرة على حدود الشرق الأوسط، بل امتدت لتشمل مناطق أخرى، بما في ذلك شمال إفريقيا، حيث يُواجِه المغرب والجزائر مرحلة حاسمة قد تُعيد تشكيل خريطة النفوذ الإقليمي.
المغرب يُعزز تحالفاته ويواجه “التمدد الإيراني”
بحسب تقرير حديث صادر عن مركز Geopolitical Monitor الكندي، فإن المغرب يُعد من أبرز المستفيدين من تطورات الصراع الإيراني الإسرائيلي، وذلك بفضل موقعه الاستراتيجي وتحالفه القوي مع الغرب، خاصة بعد توقيع اتفاقيات إبراهام في 2020.
ويُبرز التقرير أن المغرب، الذي يُواصل تعزيز موقفه في قضية الصحراء، يعمل على إضعاف أي نفوذ خارجي قد يهدد مصالحه، خاصة في ظل تقارير تتحدث عن علاقات مُزعومة بين إيران وجبهة البوليساريو، المدعومة من الجزائر. وترى الرباط أن أي دعم إيراني للجبهة الانفصالية سيمنحها حجة أقوى على الساحة الدولية لمواجهة ما تُسميه “التدخل الإيراني غير المباشر” في منطقة غرب المتوسط.
الجزائر في مأزق دبلوماسي بسبب تحالفاتها مع طهران
في المقابل، تواجه الجزائر تحديات جيوسياسية كبيرة بسبب تحالفها التقليدي مع إيران وسياستها الخارجية المناوئة للمحور الغربي. ويحذر التقرير من أن استمرار هذا التقارب، خاصة إذا تأكدت تقارير عن دعم إيراني للبوليساريو، قد يعرض الجزائر لعزلة دولية ويُضعف موقعها في المحيط المغاربي.
فالجزائر، التي رفضت الانضمام إلى مسار التطبيع مع إسرائيل، تجد نفسها في موقف دفاعي، خاصة مع تدهور علاقاتها مع جيرانها وتزايد الشكوك الدولية حول توجهاتها الإقليمية. كما أن الأزمات الاقتصادية الداخلية تحد من قدرتها على التكيف مع المتغيرات الإقليمية، خاصة إذا تحول الصراع الإيراني الإسرائيلي إلى مواجهة ممتدة.
ملف الصحراء.. من القضية المغاربية إلى الصراع الجيوسياسي العالمي
لم يعد ملف الصحراء المغربية قضية إقليمية فحسب، بل تحول إلى ورقة في الصراع الدولي بين المحورين الغربي والإيراني. فإذا ما ظهرت أدلة دامغة على دعم إيران للبوليساريو، فإن المغرب قد يحصل على اعترافات جديدة بسيادته على الأقاليم الجنوبية، مدعومًا بخطابه الداعي إلى “مواجهة النفوذ الإيراني” في المنطقة.
شمال إفريقيا على مفترق طرق
يبدو أن تداعيات الحرب بين إيران وإسرائيل ستتجاوز الحدود المباشرة للصراع، لتُعيد رسم تحالفات القوى في شمال إفريقيا. فبينما يستفيد المغرب من تحالفاته الغربية لتعزيز نفوذه، تواجه الجزائر مخاطر جيوسياسية قد تُعيد تعريف دورها الإقليمي.
السؤال الآن هل ستتمكن الجزائر من مراجعة تحالفاتها لتجنب العزلة؟ أم أن المغرب سيواصل تعزيز مكاسبه كفاعل رئيسي في المعادلة الجديدة؟ المشهد الإقليمي يشهد تحولات عميقة، واللعبة لم تنته بعد.