قالت زينب العدوي الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات،، اليوم الأربعاء، خلال جلسة عمومية مشتركة لمجلسي البرلمان، أنه في سياق إصلاح الإدارة العمومية، التي تمثل ركيزة أساسية لتحسين علاقتها مع المرتفقين، بما في ذلك المستثمرين، وتعزيز مبادئ الشفافية والحكامة الجيدة، فإن ورش تبسيط المساطر والإجراءات الإدارية لم يحقق بعد الأهداف المنشودة.
ونبهت العدوي خلال هذه الجلسة، التي تم تخصيصها لعرض أعمال المجلس الأعلى للحسابات عن الفترة 2023 -2024، إلى أنه على الرغم من دخول القانون المعني حيز التنفيذ منذ أكثر من أربع سنوات، إلا أن بعض القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية ما زالت تفتقر إلى متابعة فعالة لتدوين ونشر القرارات الإدارية ذات الصلة.
وأشارت إلى القصور في مواكبة التحولات الهيكلية للإصلاح، بالإضافة إلى التأخر في تسهيل مسارات المرتفقين ورقمنة الخدمات المرتبطة بها.
وأشارت العدوي، إلى أنه رغم الجهود المبذولة، لم تتمكن بعض القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية من استكمال العملية الأولية المتعلقة بتوثيق وتدوين وتكييف القرارات الإدارية ضمن اختصاصاتها مع المقتضيات القانونية، وكذلك نشرها ضمن الأطر الزمنية المحددة، أي قبل نهاية شهر مارس 2021. حيث بلغت نسبة تدوين القرارات الإدارية نحو 85 بالمائة في نهاية سنة 2023 بالنسبة لعينة القطاعات الوزارية التي خضعت للمهمة الرقابية (والبالغ عددها 22 قطاعاً)، بينما لم تتجاوز نسبة نشرها 70 بالمائة.
ونوهت العدوي إلى أن معالجة هذه الوضعية تتطلب تبني إطار استراتيجي مندمج وشامل للتبسيط الإداري، يعتمد على مقاربة قائمة على النتائج، مع إرساء خطط عمل لقيادة وتنفيذ ومتابعة مشاريع تبسيط المساطر الإدارية على مستوى القطاعات الوزارية.
وأكدت العدوي، على ضرورة أن تفصل النتائج المتوخاة وتربط بمؤشرات أداء كمية وأجال محددة من أجل تعيين ناجع لكافة الفاعلين العموميين. من المهم تركيز مشاريع تبسيط المساطر الإدارية على المسار الفعلي للمرتفق، من خلال هندسة جديدة تروم ترشيد جميع محطات مسار المرتفق بشكل مندمج، بدلاً من الاقتصار على مقاربة أحادية الأبعاد ترتكز على كل قرار إداري على حدة. وباستهداف المسارات ذات الأولوية الخاصة بالمستثمرين أو المعقدة، لاسيما تلك الأكثر تداولاً والتي يكون لها تأثير كبير على المرتفق.
ولفتت العدوي، إلى أن ورش التحول الرقمي يعاني من تعثر واضح، حيث يعكس ذلك ضعف تفعيل البرامج الرقمية. ورغم الزيادة في عدد الخدمات العمومية الإلكترونية المتاحة للمرتفقين، والتي بلغت 605 خدمة إلكترونية بنهاية 2023، إلا أن هذا التطور لم يحقق التأثير الإيجابي المرجو على تبسيط المساطر الإدارية للمرتفق.
وفي هذا السياق، لم تتجاوز نسبة الخدمات الإلكترونية المرقمنة كلياً 23 بالمائة من مجموع الخدمات المقدمة، ويعود ذلك إلى الإكراهات التشريعية والتنظيمية والتدبيرية التي تواجه رقمنة الخدمات العمومية، فضلاً عن ضعف آليات التخطيط المعتمدة في تدبير التحول الرقمي.
وأضافت العدوي أن المجلس يؤكد، في هذا السياق، على أهمية إرساء المتطلبات الأولية الضرورية لتفعيل الربط البيني للأنظمة المعلوماتية الخاصة بالإدارات، من خلال تحسين النضج الرقمي للسجلات والبيانات، واعتماد إطار مرجعي لإدارة المعايير، فضلاً عن تطوير السجلات المرجعية للبيانات المشتركة للمرتفقين.
وفيما يتعلق بتحقيق الأهداف والتغيير المنشودين داخل المصالح الإدارية، قالت العدوي إن ذلك يبقى رهينًا بوضع خطة عمل وطنية تشمل كافة المراحل الرئيسية لهذا الورش الإصلاحي، مما يتيح إرساء رافعات التغيير الضرورية لمواكبة التحولات الهيكلية. ويتم ذلك من خلال تأهيل الموارد البشرية وتبادل الممارسات الفضلى، بالإضافة إلى اعتماد المقاربات المنهجية اللازمة لتنفيذ مشاريع تبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، وضمان استدامة العمليات المنجزة.