انعقد يوم أمس الاثنين بالكلية متعددة التخصصات بالسمارة، مؤتمر دولي بمشاركة كوكبة من الباحثين والشخصيات الدينية من المغرب والخارج كما حضر اللقاء عميد الكلية متعددة التخصصات بالسمارة “عبد الجليل الإدريسي”، ومنتخبون، والقناصل العامون المعتمدون بالعيون، وشيوخ وأعيان القبائل، بالإضافة إلى كوكبة من الباحثين والأكاديميين المغاربة والأجانب كما شارك في هذا اللقاء نائب رئيس جمعية رباط الفتح للتنمية المستديمة “مصطفى الجوهري”، وأسقف كنيسة الرباط “كريستوبال لوبيز روميرو”، والأستاذ بجامعة مونتريال، المتخصص في الحوار الإسلامي المسيحي “باتريس برودور”، ورئيس الطائفة السيفردية لكندا “أفراهام الحرار”. حيث كان محور المؤتمر “القضايا الجامعة بين ثقافات وأديان العالم محور النقاشات”، وذلك في إطار أنشطة الدورة الثانية لملتقيات السمارة، التي انطلقت تحت شعار “العيش المشترك” بمبادرة من جمعية رباط الفتح للتنمية المستديمة ومؤسسة فرنسا-المغرب للسلام والتنمية المستدامة، الذي يتواصل على مدى ثلاثة أيام (من 4 إلى 6 نونبر).
تميز على الخصوص بمشاركة عامل إقليم السمارة “إبراهيم بوتوميلات”، وعدد من المنتخبين والأعيان والطلبة، أكد المشاركون أن المغرب كان دائما أرض تعايش لمختلف الحضارات والثقافات والأديان، حيث أبرز مختلف المتحدثين أن الهدف من الدورة الثانية لملتقيات السمارة يتمثل في تعزيز التقارب بين ثقافات وأديان العالم وتسهيل “العيش المشترك” لليهود والمسيحيين والمسلمين.
وفي كلمة له خلال هذا الافتتاح، اعتبر رئيس مؤسسة فرنسا-المغرب للسلام والتنمية المستدامة “هوبير سايان” أنه من الضروري ضمان التقارب بين الأديان والثقافات، خاصة في ظل وضع عالمي دقيق يتسم بالصراعات والعنف، داعيا في الوقت نفسه إلى نشر مبادئ العيش المشترك، كما أشار السيد سايان إلى أن أشغال هذه النسخة الثانية ستتناول سلسلة من المواضيع المرتبطة بـ “العيش المشترك”، والتي تتعلق بشكل خاص بالإيثار والانفتاح وقبول الآخر، وجودة الظروف المعيشية، وفن العيش والعلاقات الاجتماعية، وتابع أن هذه الملتقيات المنظمة حضوريا وعبر تقنية التناظر المرئي تجمع أتباع الديانات السماوية الثلاث الكبرى بروح من التبادل والحوار.
وفي ذات السياق، أكد عامل الإقليم “إبراهيم بوتوميلات”، أن هذه اللقاءات تهدف إلى تعزيز الحوار الصادق والمفتوح بين الثقافات والمعتقدات، مرحبا باستضافة السمارة لهذا الحدث العلمي الهام، باعتبارها العاصمة الروحية للأقاليم الجنوبية للمملكة ومكانا للثراء الرمزي الراسخ في تقاليد التسامح والانفتاح، وأضاف السيد بوتوميلات إنه في عالم يبدو أنه يضيع في العنف والانقسام، أصبح من الضروري أكثر من أي وقت مضى الاحتفاء بالقيم الكونية للتسامح والاحترام والأمل والإيمان، مشددا على ضرورة إعادة نسج خيوط التواصل مع هذه الفضائل والتي تشكل شرطًا لا غنى عنه للعيش المشترك.
ذكر المسؤول الترابي أن هذه اللقاءات تندرج ضمن منطق الاتفاقيات الفرنسية المغربية التي تم تعزيزها خلال الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس إيمانويل ماكرون للمغرب في أكتوبر 2024، مضيفا أن “هذا الالتزام يمثل رغبة مشتركة في تشجيع التعاون والحوار بين شعبينا، من خلال اتخاذ إجراءات ملموسة للتقريب بين الثقافات”.
ومن جهت أخرى، لاحظ الأنثروبولوجي والمتخصص في التصوف “فوزي الصقلي”، أن تاريخ الأديان بأكمله كان ولا يزال يتقاطع مع اتجاهين متناقضين، المنغلق والمنفتح، بحسب تعبير عالم الاجتماع والأنثروبولوجيا والمستشرق الفرنسي “جاك بيرك”، منوها بهذا المعنى على الجوانب المختلفة لمفهومي الانغلاق والانفتاح، داعيا إلى تأسيس مجتمع منفتح على الفن والثقافة والعلم والاعتراف بالآخر وتنوع المعتقدات وليس على عتمة الأيديولوجيات الظلامية.
كما أوضح أن هذا اللقاء يهدف إلى التعريف والتعرف على شروط ظهور نماذج جديدة لخلق حضارة مشتركة تعيد للإنسان مكانته الكاملة وعموديته وكرامته وبحثه عن المعنى الذي لا يمكن لأي حضارة تكنولوجية وما بعد إنسانية بحتة أن تقدمه له على الإطلاق.
وفي ذات السياق، جدد القنصل العام لاتحاد جزر القمر بالعيون “سعيد عمر سعيد حسن” وهو أيضا عميد السلك القنصلي بالعيون، التأكيد على موقف بلاده الداعم للوحدة الترابية للمملكة وسيادتها الوطنية، كما شدد على أن المغرب يعمل على تعزيز التعايش السلمي بين المعتقدات الدينية، مع إيلاء اهتمام خاص لتعزيز الاحترام المتبادل، موضحا أنه من خلال الحوار بين الأديان والثقافات، يمكن للقارة الأفريقية أن تتحرك نحو إدارة أكثر شمولاً للصراعات.