دعا مجموعة من الفاعلين في المجتمع المدني المغربية على ضرولرة التحرك لوضع سياسة شاملة لمواجهة تحديات شح المياه التي تعرفه بلادنا  تشمل حلول جديدة،أبرزها  “تشديد المراقبة في ما يتعلق بالمسابح الخاصّة التي تستهلك آلاف اللترات من المياه حين تتم تعبئتها مرات عدة”، مدافعة عن هذا الرأي من خلال استبعاد أي “منزع شعبوي أو طبقي يتعلق به، ولكن الظرفية الصعبة هي التي صارت محددا رئيسا في هذا الجدال”.

 

 

ورغم أن المرحلة تتعلّق بفصل الشّتاء، الذي تقل فيه الحاجة إلى المسابح، فإن التعليقات التي يحررها مواطنون وفاعلون في الشأن البيئي تصرّ على استدعاء هذا الجانب، بوصفه “شقّا مغيّبا من النقاش، في وقت في رقبته ثروة مائية يمعن في تبذيرها”. وهو ما يفتح جِدالاً جديداً بخصوص التوجه الذي اختارته سلطات الإدارة في ما يخص إغلاق الحمامات ومحلات غسيل السيارات ثلاثة أيام أسبوعيا.

 

 

أيوب كرير، حقوقي وناشط بيئي، قال إن “هذه الظرفية الحرجة لا تجعل من المطالبة بتشديد المراقبة على المسابح الخاصة في فيلات الأثرياء مطلبا شعبويّا”، مؤكداً أن “الدّولة لها الصلاحية لتراقب تدبير المياه داخل الفضاءات الخاصة، بما أننا في فترة طوارئ مائية، حيث نعيش إجهادا حقيقيّا؛ فليس من العدل إطلاقا أن نقطع الماء على بعض المدن، في وقت تتمتع عائلات بنوع من الرفاه المائي”.

 

 

وأوضح كرير، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “قرارات التشديد لا بد أن تمنح لنفسها الكثير من المصداقية، فمن يطالب بمراقبة هذه المسابح ليس حاقداً على طبقة اقتصاديّة واجتماعيّة بعينها، بل همه مراعاة مصلحة عُليا تتعلق بالأمن المائي”، مبرزاً أن “العدادات يمكن أن تكون عنصرا عمليا في مراقبة الكميات التي تستهلكُ خلال فصول السنة، وحين يبدأ اتسام الجو بالحرارة، لأن تلك هي الفترة التي يتم فيها ملء المسابح، ويمكن حينها أن تتدخل الشرطة المائية وتنظر في إمكانية سحب الرخصة من صاحب البيت”.

 

إلى ذلك، شدد المتحدث ذاته على أن “الطوارئ المائية تمنح السلطات الحق في القيام بالإجراءات التي تبدو ضرورية للحفاظ على الفرشة المائية الجوفية أو السطحية”، لافتاً إلى أن “الضروري الآن هو تسريع ورش معالجة المياه العادمة والمستعملة، لتسخيرها لملء المسابح الخاصة، واستعمالها في الحمامات الشعبية وفي غسيل السيارات، أو يمكن منع هذه المسابح في الظرفية الحالية، وهذا مطلب أيضا ضروري في ظل شح الموارد المائية الذي جعلنا نصل إلى مرحلة غير مسبوقة من الجفاف”.

عبد الواحد زيات، رئيس الشبكة المغربيّة للتحالف المدني للشباب، قال إن “الإجراءات التي تتّخذها السلطات في حق بعض الأشخاص تولد في أحيان كثيرة دعوات لها وجه مهمّ من الصّحة، ومن ذلك هذا الموضوع المتعلّق بالمسابح التي لا تخضع لأي مراقبة في الكيفية التي يتم بها تدبير الملء، إذا اعتبرنا من النّاحية المادية أن العائلات التي لديها مسبح مبدئيّا لن تكون لها صعوبة كبيرة في الجانب المتصل بالفواتير”.

 

 

وأبرز زيات، في تصريحه لجريدة هسبريس، أن “المسابح الخاصة يمكن أن تتوقف حاليا ويتم منع ملئها بصفة حاسمة وحازمة، لكون المسابح العمومية ستظل مفتوحة وإن كانت شرا لا بد منه”، مسجلا أن “الملك محمدا السادس بنفسه يدبر هذا الملف ويتابعه بشكل دقيق، وهو ما يجعل جميع المغاربة معنيين”، وزاد: “لا بد من ضمان الرفع من وتيرة التوعية والتحسيس، حفاظا على السلم الاجتماعي، لكون الأمن المائي والغذائي عاملين أساسيين في هذا الأمر”.

 

ولفت المتحدث إلى أن “السلطات تتخذ الآن الإجراءات اللازمة في هذا السياق”، مردفا: “نحن نثمن كافة الجهود التي لها غاية الحفاظ على الثروة المائية، لكن شرط أن تكون متكافئة ومتساوية وتشتغل على جميع الجبهات الاجتماعية والاقتصادية المعنية”، وخالصاً إلى أن “ندرة المياه باعتبارها مشكلة تؤثر على التنمية تستدعي أن نأخذ كل المطالب بالجدية المطلوبة، تغليباً للمصلحة الفضلى للوطن أولاً وأخيراً”