فالاتصال مباشرة بالشمس أو الهواء أو الأرض أو البحر أو ، ببساطة ، بكل مكونات الطبيعة، يعزز حل المشكلات بطريقة أكثر إبداعا، ويسمح بالتركيز، ويحفز الذكاء.
وأصبح التجول في الطبيعة ، سيرا على الأقدام أو على متن دراجة هوائية ، ممارسة شائعة وبشكل متزايد في المغرب، لاسيما بين سكان المدن الذين يسعون إلى استخلاص المتعة والراحة من الإمكانات الطبيعية التي تزخر بها البلاد، وذلك بفضل التنوع الرائع للحياة البرية والغطاء النباتي.
وتوفر المملكة ، بفضل منتزهاتها وأراضيها الرطبة البالغ عددها 300 منطقة، 38 منها معترف بها على أنها ذات أهمية دولية ، لهواة المسارات والرحلات بين أحضان الطبيعة تجربة فريدة من نوعها، على طول مسالك تتوزع بين جبال ومرتفعات الأطلس المهيبة و الصحاري الشاسعة , مروراً بالسواحل الأطلسية والمتوسطية وبالمروج و الواحات الخضراء.
في هذا السياق، يرى فيصل الطاهري،وهو اخصائي نفسي اكلينكي و معالج نفسي ، أن “الاتصال بالطبيعة والشمس والرياح والبحر كان دائما مفيدا للإنسان’’.
ويرى الدكتور الطاهري أن “نمط الحياة الصعب يجب أن يكون بالضرورة مصحوبا بفترات استراحة في الفضاءات الخضراء”، معتبرا أن أفضل فترة زمنية لإعادة التواصل مع الطبيعة الأم هو فصل الربيع.
ويفيد بأن التجول في الطبيعة خلال هذا الفصل يسمح للفرد بتقدير روعة الطبيعة واستكشاف أسرارها وسكونها وألوانها وعبقها.
وشدد على أن هذا النوع الجامع بين الرياضة والترفيه يساعد إلى حد كبير المرضى، خاصة من يعانون من مشاكل الصحة العقلية، حيث ينصح ، في هذا الصدد ، بالمشي يوميا لمدة نصف ساعة لتقليل التوتر والقلق.
ومع استشعار الطلب على هذا التوجه العلاجي في وقت مبكر جدا، تخصص عدد من المرشدين في التجول في الطبيعة، مقترحين جولات للمشي لفائدة ساكنة المدينة، كمنطقة بنسليمان المتواجدة على بعد 90 دقيقة من الرباط.
إنه حال عزيز الصحراوي العضو بتعاونية في جماعة عين القصب التي توفر المأوى والمأكل وأنشطة أخرى مصممة خصيصا للمقاولات، منها تدريبات على الاندماج او حصص لبناء روح الفريق.
ويوضح عزيز أن “برنامج التجول بين أحضان الطبيعة ليوم واحد يشمل المشي لمسافة من 6 إلى 14 كلم في غابة بنسليمان وضواحيها، ووجبتي إفطار وغداء بلدي، وذلك في أجواء مغربية خالصة.
وعلى مستوى الأسعار، يكشف المتحدث ذاته أن جولة من هذا الصنف تكلف 75 درهما للأطفال و150 درهماً للكبار، مؤكدا أن المغامرة تتيح للشخص اكتشاف ما تختزنه المنطقة والاستمتاع بالهدوء والسكينة.
وبينما تتكاثر أمراض العصر تحت مسميات عديدة يفرضها تأثير التحضر المنتشر وأنماط الحياة المتغيرة (الإجهاد، والقلق، ومرض الأعصاب، والاكتئاب، والإرهاق، وما إلى ذلك)، فإن التجول بين أحضان الطبيعة يبدو كخلاص من تلك الأمراض لما له من فضائل نفسية، حيث يسمح بإعادة تواصل الشخص مع الطبيعة، ومع نفسه، والحصول بالتالي على السكينة المرغوبة للجسد والروح معا.