في ذاكرة دكالة، لا يمر اسم المرحوم المصطفى الصافي مرور الكرام. فالرجل الذي وُلد من رحم منطقة الحوزية، وعاش بين أهلها، لم يكن مجرد رئيس جماعة ترابية عادي، بل كان مدرسة في الإخلاص، وعنواناً صادقاً لخدمة الشأن المحلي، ورمزاً من رموز مرحلةٍ تحولت فيها الحوزية من فضاء قروي بسيط إلى وجهة استثمارية واعدة على صعيد إقليم الجديدة.
نشأ المرحوم المصطفى الصافي في بيت متجذر في قيم الكرم والانتماء للأرض. اختار في بداياته سلك التعليم، حيث علّم أجيالاً من أبناء المنطقة قبل أن ينتقل إلى ساحة التدبير الجماعي والسياسة المحلية. دخوله معترك الشأن العام لم يكن بحثاً عن سلطة أو جاه، بل كان امتداداً لروح خدمية راسخة فيه.
في انتخابات سنة 1992، تقلد رئاسة جماعة الحوزية، ليبدأ مساراً طويلاً من العمل الجاد والهدوء العملي بعيداً عن الصخب والادعاء.
في زمنٍ كانت فيه العديد من الجماعات القروية تُصارع الهشاشة وضعف الموارد، اختار الصافي نهجاً مختلفاً: الاستثمار في الإنسان والأرض.
فقد انفتح على المستثمرين وشجع المشاريع العقارية والسياحية والأنشطة التجارية والخدماتية، مما جعل جماعة الحوزية تتحول تدريجياً إلى قطب استثماري جذاب، بفضل قربها من مدينة الجديدة، وبفضل سياسة الانفتاح التي انتهجها في التدبير.
لم يكن هذا التحول وليد الصدفة، بل ثمرة رؤية بعيدة المدى اعتمد فيها الرجل على التدرج والواقعية. فحسّن من البنيات التحتية، وفتح المجال أمام الاستثمار، وساهم في الرفع من موارد الجماعة التي أصبحت قبل الجائحة من بين الجماعات التي تسجل مداخيل محترمة على الصعيد الإقليمي.
#رجل_تواصل_وتواضع
اشتهر المصطفى الصافي بين ساكنة الحوزية بـ تواضعه وقربه من المواطنين. لم يكن حاجزاً بينه وبين الناس، بل كان مجلسه مفتوحاً، يُصغي قبل أن يتحدث، ويحل المشاكل بالحوار قبل القرارات.
لم يكن يعتبر الرئاسة امتيازاً، بل أمانة. وقد ظل محافظاً على هذه القيم طيلة سنوات تسييره، ما أكسبه ثقة الساكنة واحترامهم العميق له. فكانت كلمته مسموعة، ومبادراته محل تقدير.
#مناقب_المرحوم_المصطفى_الصافي
من يتحدث عن المصطفى الصافي، يتحدث عن:
رجل جمع بين صرامة المسؤولية ولين المعاملة.
قائد محلي بصم على مرحلة استثنائية في تاريخ الحوزية.
شخصية عُرفت بنظافة اليد، والحرص على المال العام.
عقل تنموي مؤمن بأهمية الاستثمار في تطوير الجماعة.
صوت هادئ، لكنه حاضر بقوة في دوائر القرار المحلي.
صديق للجميع… وخصم لا يعادي أحداً.
#رحيل_الرئيس_ترك_فراغاً_كبيراً
حينما وافته المنية سنة 2021، كان وقع الخبر صادماً للمنطقة بأسرها. لم يُفقد فقط رجل سياسة، بل فُقد أحد أعمدة التنمية المحلية. بكته ساكنة الحوزية بكل فئاتها، ونعاه رفاقه في الأحزاب، كما نعتته مختلف الفعاليات الجمعوية والسياسية.
ولعل من الدلالات القوية على مكانته أن من بعده استمرت عائلته في العمل الجماعي، في إشارة رمزية إلى أن ما بدأه كان مشروعاً ممتداً، لا مجرد ولاية انتخابية.
#إرث_من_التنمية_والاحترام
ترك المصطفى الصافي إرثاً تنموياً واضحاً، وجماعةً مختلفة عما كانت عليه قبل ثلاثين سنة. ترك طرقاً معبدة، وبنية تحتية في تطور مستمر، واستثمارات قائمة، ومداخيل جماعية منتظمة، وأهم من كل ذلك… ترك اسماً نظيفاً وسيرة طيبة.
ففي زمنٍ تتغير فيه الوجوه ويبهت أثر كثيرين، ظل اسمه محفوراً في ذاكرة المنطقة، رمزاً لرئيس أحب أرضه وأخلص لها، فبادله الناس حباً بحب.
رحم الله المصطفى الصافي، الرجل الذي لم يكن مجرد رئيس جماعة، بل كان مهندس نهضة محلية في صمت ووقار. لقد جسّد نموذجاً للرجل المحلي الذي آمن بأن خدمة الناس شرف، وأن التنمية ليست شعاراً يُرفع، بل عملاً يومياً متواصلاً.