جريدة

المغرب: حزب التقدم والاشتركية يشن هجوما حاد على الحكومة وبرامجها الارتدادية

مجمد حميمداني

عقدت اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، دورتها السادسة، السبت 6 يوليوز. بالمقر المركزي للحزب برآسة امينها العام “نبيل بن عبد الله”. عرض خلالها الامين العام تقريرا سياسيا تناول مختلف المستجدات الوطنية والإقليمية والدولية. مقدما ما أسماه الحزب “البديل الديمقراطي التقدمي لتجاوز الإخفاقات الحكومية وكسب الرهانات المستقبلية”.

دورة تأتي تنفيدا لمخرجات اجتماع المكتب السياسي للحزب المنعقد، يومه الثلاثاء فاتح يوليوز 2025. والذي تناول مجموعة من القضايا السياسية الوطنية والدولية، فضلا عن مواضيع ذات صلة بالحياة الداخلية داخل الحزب.

وفي هذا السياق، فقد اعتبر “حزب التقدم والاشتراكية” أن قضية الصحراء المغربية والمستجدات الجديدة التي شهدتها تقتضي اليقظة والحذر لمواجهة كل الاستفزازات. مبرزا أن الملف يعرف دينامية إيجابية غير مسبوقة، على صعيد المنتظم الدولي. وذلك بفضل دبلوماسية رسمية قوية ونشطة بقيادة جلالة الملك “محمد السادس”، نصره الله. متوقفا حول الحصاد النوعي المتحقق من خلال الاعترافات الوازنة ذات الصلة بمغربية الصحراء ووجاهة مبادرة الحكم الذاتي، المدعومة من معظم دول العالم، ضمنها دول دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي ك”الولايات المتحدة وفرنسا”. مؤكدا على ضرورة استثمار هاته الإنجازات وهذا الزخم لفائدة الطي النهائي لهذا الملف. مدينا كل أشكال التشويش على ما يعرفه هذا الملف من دينامية على الصعيد الديبلوماسي والأممي. داعيا لمواصلة اليقظة والحذر لمواجهة المناورات الدنيئة التي يقدم عليها خصوم الوحدة الترابية للمملكة. 

كما أكد على ضرورة تطوير اقتراح الحكم الذاتي في ظل السيادة المغربية باعتماد مقاربة تستند على أبعاد انسانية واقتصادية واجتماعية. مشددا على ضرورة تفعيل أشكال الدبلوماسية الأخرى الموازية، خاصة الحزبية منها. مقدما نموذج زيارة وفد الحزب لكل من “كوبا” و”فنزويلا” و”الصين”. داعيا للاستمرار في نفس الاتجاه وتعزيزه.

عجز وتعال حكومي في مقاربة كافة الإشكالات الوطنية 

أكد التقرير أن المغاربة كانوا ينتظرون حكومة قوية سياسيا وتدبيريا. لكن الوقائع تؤكد أن الحكومة ضعيفة على مستوى الأداء والنتائج والحضور السياسي والتواصلي. واصفا نهجها ب”الاستعلائي” و”ادعاء إنجازات غير مسبوقة”و”التهجم على المنتقدين”، بما في ذلك على مؤسسات دستورية ورسمية للحكامة.

وعلى الرغم من هاته الانتقادات فقد اعترف الحزب للحكومة ببعض إنجازاتها في بعض المجالات. ضمنها الماء وبعض القطاعات الصناعية والبنية التحتية الرياضية وعائدات السياحة ودعم أسعار الدقيق والكهرباء وعائدات الضرائب.

وأكد التقرير على دور الحزب كمعارضة. مبرزا ان سلبيات العمل الحكومي أكثر من الإيجابيات. مشددا على ان طبيعة هاته الحكومة لا يمكن إخفاؤها بشعارات “زائفة ظاهرها اجتماعي”، وفق توصيفه. مضيفا أنها تنتصر ل”لوبيات المال”. مبرزا أن “الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية تخترق معظم الفئات والقطاعات”.

فشل حكومي في إدارة الملفات الاقتصادية والاجتماعية 

أكد التقرير فشل الحكومة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي. حيث أدت سياساتها المنتهجة لارتفاع معدلات الفقر والهشاشة، أكثر من 5.5 مليون شخص. إضافة لتدهور القدرة الشرائية للأسر وفشل سياسة الدعم الاجتماعي المباشر وإقصاء آلاف الأسر المستحقة منه. كما أدت هاته السياسة لإفلاس 40 إلى 50 ألف مقاولة صغرى. مع تراجع مساهمة الصناعة في الناتج المحلي بحوالي 15%. فضلا عن ارتفاع المديونية العامة، التي تستنزف 70% من الناتج الداخلي وتضخم فاتورة الطاقة. إضافة لفشل سياسة التشغيل، مع تسجيل ارتفاع معدلات البطالة، خاصة وسط الشباب التي تقارب 40%.

انتكاسة سياسية وحقوقية زمن الحكومة الحالية 

وفق التقرير المقدم، فقد اتسم أداء الحكومة بالإخفاق في المجالين السياسي والحقوقي. وذلك من جهة ارتفاع معدلات تقييد الحريات وإلغاء المجلس الوطني للصحافة. إضافة لتجاهل الإصلاحات الدستورية، تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية واللامركزية. فضلا عن تسييس التعيينات الإدارية بناء على قاعدة الانتماء الحزبي والقرابة والولاءات. فضلا عن التعامل المتعالي مع النقد ورفض المساءلة من البرلمان والمؤسسات الرسمية.

استشراء الفساد وتضارب المصالح

أوضح التقرير أن البرامج الحكومية تم وضعها لخدمة مصالح فئة ضيقة. كما هو الحال بالنسبة لدعم أرباب النقل بـ8.6 مليار درهم ومستوردي المواشي بـ20 مليار درهم. مع تسجيل أرباح غير مشروعة في قطاع المحروقات، حوالي 60 مليار درهم. كما أن التعيينات قائمة على المحسوبية. إضافة لتورط مسؤولين في صفقات عمومية تخدم مصالحهم الشخصية.

وإجمالا فقد شن التقرير هجوما حادا على الحكومة متهما إياها بتوجيه برامجها لخدمة مصالح فئة ضيقة وتحقيق أرباح غير مشروعة في قطاع المحروقات بمليارات الدراهم. والقيام بتعيينات إدارية على قاعدة المحسوبية الحزبية والقرابة الشخصية.

انتخابات سابقة لأوانها

أفاد التقرير بأن أحزاب التحالف الحكومي أطلقت حملات انتخابية سابقة لأوانها. كما هو الحال في “برامج آخر ساعة” وذلك بهدف كسب الأصوات. وتوزيع مساعدات مالية لأغراض انتخابية، في مخالفةً للقانون ومبادئ المنافسة السياسية. فضلا عن محاولة ترسيخ فكرة أن “نتيجة انتخابات 2026 محسومة” لخلق اليأس والعزوف عن المشاركة.

رؤية الحزب للبديل الديمقراطي التقدمي 

قدم “حزب التقدم والاشتراكية” في تقريره المعروض على أنظار اللجنة المركزية مجموعة من الإصلاحات السياسية والحقوقية. ضمنها تفعيل الدستور وإصلاح النظام الانتخابي لحماية العملية الديمقراطية من الفساد. مع ضمان المساواة الكاملة بين الجنسين وتمكين المرأة المغربية من كافة حقوقها. إضافة لتعزيز الحريات الفردية والجماعية.

 كما دعت الوثيقة لإحداث تحول اقتصادي واجتماعي ببلادنا. وذلك من خلال تبني نموذج تنموي قائم على التصنيع الحديث والسيادة الغذائية والطاقية. مع إصلاح ضريبي عميق لإعادة توزيع الثروة بعدالة. فضلا عن تعزيز الخدمات العامة، (الصحة، التعليم)، ومكافحة خصخصتها. إضافة لدعم الفلاحين الصغار والمناطق القروية عبر سياسات تمييز إيجابي.

 وشددت على ضرورة انتهاج الحوكمة ومكافحة الفساد. وذلك عبر فصل المال عن السياسة وضمان شفافية التعيينات. إضافة لتفعيل آليات رقابية صارمة لمحاسبة الفاسدين.

ولتحقيق هاته الأهداف دعت الوثيقة لتجميع القوى التقدمية لخوض انتخابات 2026 ببرنامج انتخابي مشترك. فضلا عن بناء حركة اجتماعية مواطنة تضغط من أجل الإصلاحات. إضافة لحث الشباب على المشاركة السياسية الواعية لمواجهة “اقتصاد الفساد الانتخابي”. والقيام بإصلاح سياسي وحقوقي عميقين من خلال تفعيل الدستور وإصلاح النظام الانتخابي لمكافحة “تسونامي المال والفساد”. مع تعزيز اللامركزية والحكم الترابي المتقدم.

كما أكدت الوثيقة على ضرورة تبني نموذج تنموي يركز على التصنيع الحديث وتحقيق السيادة الغذائية والطاقية. مع القيام بإصلاح ضريبي عميق لإعادة توزيع الثروة بعدالة. وذلك عبر تضريب الثروات غير المنتجة ومكافحة التهرب الضريبي. وربط السياسة البيئية بالعدالة الاجتماعية عبر الاستثمار في الاقتصاد الأخضر.

وشددت الوثيقة على ضرورة تعزيز الخدمات العامة، من خلال رد الاعتبار للمدرسة العمومية والمستشفى العمومي. مع ضمان ولوج عادل للخدمات الأساسية (صحة، تعليم، ماء). إضافة لتطبيق تمييز إيجابي لصالح المناطق القروية والجبلية المهمشة.

ولتحقيق هاته الأهداف دعا الحزب لوحدة القوى التقدمية والفعاليات ذات الرؤية المشتركة لخوض انتخابات 2026 ببرنامج موحد. وبناء حركة اجتماعية مواطنة تضغط من أجل التغيير. إضافة لمكافحة العزوف الانتخابي. وذلك من خلال حث الشباب على المشاركة السياسية الواعية كأداة لمجابهة الفساد. والتغلغل في الأوساط المجتمعية لتشجيع التسجيل في اللوائح الانتخابية. داعيا لتعزيز قدرات الحزب عبر تطوير آليات التواصل مع المجتمع، (خاصة الشباب والنساء). وتأهيل الكفاءات الشابة وترشيحها للانتخابات المقبلة.

واعتبر الحزب أن هاته الخارطة التي تم وضعها، جاءت بناء على فشل الحكومة الحالية في تدبيرها للمرحلة. واصفا الوضع القائم بأنه “غير قابل للإصلاح، ويستدعي قطيعة مع سياساتها”، وفق توصيفه. مؤكدا على أن “البديل الديمقراطي التقدمي” المقترح قائم على العدالة الاجتماعية ومكافحة الفساد. حيث يركز على إقامة الدولة القوية الديمقراطية، (الاستراتيجية، المنتجة، الحامية اجتماعيا). التي تضع الإنسان كأولوية في التنمية.

هجوم حاد على الحكومة وبرامجها الارتدادية

اعتبر التقرير أن الزمن التدبيري للحكومة تميز بالانتهاكات الدستورية والقانونية. حيث عملت على تقييد الحريات العامة. ضدا على المادة 25 من الدستور المغربي التي تكفل حرية التعبير والصحافة. واقفا على إلغاء المجلس الوطني للصحافة، (الهيئة الدستورية المنظمة بموجب الفصل 165). وتقديم نصوص تقيد العمل الإعلامي ضدا على الفصل 28 من الدستور المغربي والحق في الحصول على المعلومات. في مقابل المادة 281 من القانون الجنائي المعرقلة للعمل الصحافي.

كما تناول الحزب مسألة التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة، على ضوء اقتراب موعد انتهاء أجل اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر. والتي سبق أن أقدمت على فرضها الحكومة بشكلٍ تعسفي. في ضربٍ لمقتضيات الدستور ذات الصلة، وفي انحرافٍ خطير عن منطق التدبير المستقل والديموقراطي لهذا القطاع الحيوي. وفي محاولةٍ لإقبار المجلس الوطني للصحافة.

في هذا السياق، استنكر حزب التقدم والاشتراكية إقدام الحكومة، على محاولة تمرير مشاريع نصوص قانونية جديدة ترتبط بالمجلس الوطني للصحافة وبالصحافيين المهنيين. وذلك دون إشراك فاعلين أساسيين في النسيج الإعلامي الوطني أو التشاور معهم. بما يشكل إقصاء فظيعا لم يسبق له مثيل. كما هو الشأن بالنسبة “للفيدرالية المغربية لناشري الصحف” التي أصدرت تصريحا هاما بخصوص الموضوع. وأيضا “النقابة الوطنية للصحافة المغربية”.

واعتبر الحزب أن إصرار الحكومة على منهجيتها الإقصائية، لتمرير قوانين هامة بخلفية أحادية. هو تأكيد على نواياها السلبية بخصوص مضامين وتوجهات هذه التشريعات. وقد قرر المكتب السياسي تتبع هذا الموضوع عن كثب خلال الأيام والأسابيع المقبلة، بعد كشف الحكومة عن تفاصيل هذه النصوص.

كما وقف على شيوع الفساد وتضارب المصالح. كما حصل في صفقة تحلية مياه “الدار البيضاء”، (6.5 مليار درهم). ودعم مستوردي المواشي (20 مليار درهم) دون ضوابط.

وهي وقائع تؤكدها عدة جهات رسمية. ضمنها “الهيئة الوطنية للنزاهة”، من خلال “القانون 111.14”. وتقاريرها المؤكدة على تدهور مؤشرات الفساد. على الرغم من أن المادة 36 من الدستور تجرم استغلال النفوذ.

وقدم التقرير مؤشرات صادمة عن الواقع المغربي العام. حيث ارتفعت البطالة بين الشباب لتصل إلى 40%، وفق إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط  الصادرة لعام 2024. ونسبة مديونية الدولة بنسبة 70% من الناتج الداخلي. كما هو وارد في المادة 17 من قانون المالية لعام 2024. كما تم تسجيل تحقيق محتكري قطاع المحروقات أرباحا غير مشروعة فاقت 60 مليار درهم. وفق ما كشف عنه مجلس المنافسة في تقريره لعام 2023. مع تسجيل إفلاس المؤسسات الصغرى، حوالي 50,000 مؤسسة.

كما تم تسجيل انتهاكات قبيل انطلاق الحملات الانتخابية. وذلك من خلال استغلال المال العام للدعاية الانتخابية. كما حدث في برامج “آخر ساعة”. في مخالفة صريحة للمادة 67 من القانون التنظيمي “11.30” التي تمنع استغلال المال العام في الدعاية الانتخابية. فضلا عن توزيع مساعدات انتخابية. والتي تعتبر رشوة انتخابية وفق المادة 250 من القانون الجنائي.

وقدم الحزب “بديلا ديمقراطيا تقدميا” دعا من خلاله لتعديل القانون التنظيمي 59.11 لتفعيل الرقابة على تمويل الأحزاب. وتفعيل الفصل 11 من الدستور، أي المشاركة الشبابية. داعيا لتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال إصلاح ضريبي يرتكز على قانون المالية 130.13. المتعلق بتضريب الثروات غير المنتجة. إضافة لضمان السيادة الغذائية عبر القانون رقم 28.07، الداعي لحماية الأراضي الفلاحية. وانتهاج حوكمة بيئية من خلال إقامة مشاريع خضراء. وذلك عبر الاستثمار في الطاقة المتجددة، (القانون 13.09). إضافة لربط التخطيط الإيكولوجي بـالمادة 31 من الدستور. الداعية للحق في بيئة سليمة.

وأكد التقرير على الحاجة لسياسات عمومية صحية وإيكولوجية فعالة للتكيف مع التغيرات المناخية. مبرزا أن هذا التوجه صار واقعا مفروضا وضاغطا على بلادنا. وبالتالي يتعين التعامل معه بكل جدية، بالنظر إلى التداعيات الخطيرة للظواهر القصوى الناتجة عن هذه التغيرات. 

إدانة العدوان على الشعب الفلسطيني ورفض التطبيع

وقف التقرير حول العدوان “الإسرائيلي” على غزة. مدينا ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من أشكال الإبادة الجماعية الصهيونية بدعم أمريكي. داعيا المجتمع الدولي للضغط لوقف العدوان وضمان حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها “القدس”. مع التأكيد على التضامن المغربي مع فلسطين عبر المسيرات الشعبية. مؤكدا على موقف الحزب المناهض لكل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني.

وطالب الحزب المجتمع الدولي للتحرك الفعال والفوري لإيقاف المجازر المتتالية التي تقترفها آلة الحرب الصهيونية الغاشمة. والتي وصلت إلى درجة نهج القصف الجنوني والعشوائي بغزة. مدينا إقدام الكيان الصهيوني على حظر أنشطة “الأونروا” ب”فلسطين”. واللجوء بالمقابل لتوظيف مؤسسة مشبوهة تحت غطاء تقديم المساعدات الإنسانية. وذلك بغاية تجميع أهالي غزة الــــذين يتعرضون للمجاعة في مراكز معينة. ومن ثمة اصطيادهم واستهدافهم المباشر بالقصف والتقتيل الجماعي.

وشدد الحزب على أن كل هاته الجرائم المرتكبة من طرف الكيان الصهيوني وحكومته اليمينية المتطرفة. تستلزم المتابعة القضائية الدولية. لكونها جزء من خطة ومؤامرة، صهيونية-إمبريالية، خبيثة. تقوم على فرض أمر واقع جديد. معتبرا ان ما يحصل كارثة إنسانية لا مثيل لها. تستهدف إفراغ غزة وتهجير أهاليها قسرا. تمهيدا لإقبار القضية الفلسطينية. داعيا لتصعيد الضغط الشعبي والرسمي، عربيا وعالميا. ضد ممارسات الكيان الصهيوني، لا سيما من خلال رفض التطبيع معه وعزله على المستوى الدولي.

وكان تقرير صادر عن “حزب التقدم والاشتراكية عام 2025 قد قال: إن “الدولة القوية ليست دولة القمع بل دولة القانون التي تحمي الضعفاء”.