في عالم تتشابك فيه المصالح وتتصارع فيه الرؤى، يبرز المغرب كفاعل رئيسي وموثوق على الساحة الدولية، بفضل رؤية ملكية حكيمة ودبلوماسية متجدقة تقوم على مبادئ واضحة وثابتة. تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، تمكن المملكة من تحويل قضية وحدتها الترابية إلى معيار حقيقي لقياس صدق التحالفات ومصداقية الشراكات الدولية، مجسدة شعار “إما معي أو ضدي” رافضة أي موقف غامض أو رمادي.
تقوم الاستراتيجية المغربية على مبدأ “رابح-رابح”، الذي يجسد سعياً حقيقياً لتعاون دولي يحقق المنفعة للجميع، بعيداً عن منطق الهيمنة أو الاستقطاب. هذا النهج المتماسك، المقترن بوضوح في المواقف، لم يخدم فقط المصالح الوطنية للمغرب، بل وضع الأنظمة المتصلبة في المنطقة، وعلى رأسها النظام العسكري في الجزائر، في موقف حرج، وكشف عن عزلتها المتزايدة.
فبينما تستمر الجزائر في تبني مقاربات بالية تعود إلى حقبة الحرب الباردة، معتمدة على خطاب تصادمي ومحاولات يائسة لتأجيج النزاعات، يواصل المغرب بثبات تعزيز مكاسبه الدبلوماسية. لقد أصبحت المبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي تقدم حلاً واقعياً وعملياً للنزاع الإقليمي المفتعل، تحظى بدعم متزايد من جانب الفاعلين الدوليين الرئيسيين.
في طليعة هؤلاء، تأتي الولايات المتحدة الأمريكية، التي تملك وزناً حاسماً داخل المؤسسات الدولية. وقد فشلت جميع محاولات الجزائر لجر واشنطن إلى سياسة الشروط التعجيزية والخيارات المستحيلة، في حين أن الدعم الأمريكي الثابت للمبادرة المغربية يظهر نجاعة الدبلوماسية الملكية الهادئة والواقعية.
إن إصرار القادة في الجزائر على المناورة، والتهرب من الانخراط في حل سياسي واقعي، واللجوء إلى استراتيجيات متقادمة مثل محاولات “التدويل” الفارغة وإثارة التوترات، لن ينتج سوى مزيد من العزلة وتفاقم الأزمات الداخلية. لقد أصبح المثل القائل “من يزرع الريح يحصد العاصفة” يجسد بشكل متزايد الوضع الذي تجد فيه نفسها.
في المقابل، لا يتوقف المغرب عن تعزيز إنجازاته على الأرض وفي المحافل الدولية، مكرساً مكانته كأمة عريقة ذات تاريخ عريق، وكمحور استقرار وفاعل إيجابي في محيطه الإقليمي والدولي. الفرق الجلي بين النهجين ليس سوى انعكاس للفارق في الرؤية والحكمة بين قيادة تستشرف المستقبل وأخرى تتشبث بماضي لم يعد موجوداً.