جريدة

النيابة العامة تُوحّد تدبير مذكرات البحث في إطار مستجدات القانون 03.23

ميديا أونكيت 24

وجّهت رئاسة النيابة العامة منشوراً إلى الوكلاء العامين للملك بمحاكم الاستئناف ووكلاء الملك بالمحاكم الابتدائية، دعت فيه إلى توحيد طرق تدبير الأبحاث الجنائية، خاصة ما يتعلق بإصدار مذكرات البحث وإلغائها. يأتي ذلك في إطار تنزيل مستجدات القانون رقم 03.23 المتعلق بتعديل قانون المسطرة الجنائية، والذي يُعد نقلة نوعية في تنظيم الإجراءات الجنائية.

يرتكز المنشور على رؤية تشريعية تهدف إلى ضبط مسطرة البحث، وتحقيق مزيد من الشفافية، وتجنّب أي تعسف أو تمديد غير مبرر لمذكرات البحث، التي كانت تثير إشكالات عملية في السابق. وأكدت رئاسة النيابة العامة أن القانون 03.23 جاء لأول مرة بقواعد دقيقة وواضحة لتنظيم مذكرات البحث، بعدما كان تدبيرها يخضع لاجتهادات متعددة.

وفقاً للمستجدات، لم يعد ممكناً نشر مذكرة البحث إلا بأمر صريح من قاضي النيابة العامة، شريطة أن تكون الأفعال موضوع البحث جناية أو جنحة معاقباً عليها بعقوبة سالبة للحرية، أو أن يتعلق الأمر بتنفيذ مقرر قضائي ينص على عقوبة حبسية، أو في سياق تنفيذ الإكراه البدني. وتُعد هذه المقتضيات خطوة أساسية لتعزيز ضمانات الأفراد، بالنظر إلى أن مذكرة البحث تُعتبر من أكثر الإجراءات القضائية تأثيراً على حرية الأشخاص وسمعتهم.

كما أوضح المنشور أن القانون حدّد بشكل صريح حالات إلغاء مذكرة البحث، حيث تُلغى بقوة القانون بمجرد إلقاء القبض على الشخص المبحوث عنه، أو بتقادم الجريمة أو العقوبة موضوع المذكرة. كما أوجب على النيابة العامة إشعار مصالح الشرطة القضائية فوراً بقرار الإلغاء، سواء بشكل تلقائي أو بناءً على طلب من الجهة المعنية، ضماناً لتصحيح وضعية الأشخاص ومنع أي مساس غير قانوني بحريتهم بعد زوال مبرر البحث.

وشددت رئاسة النيابة العامة على أن مسؤوليتها لا تتوقف عند إصدار مذكرات البحث، بل تمتد إلى تتبع مآلها وضمان تنفيذها بشكل سليم، بما في ذلك مراقبة جميع الإجراءات المرتبطة بها، ومنع أي استعمال غير مشروع لهذا الإجراء، خاصة في ظل تطور وسائل التعقب والتواصل الإلكتروني.

وأكد المنشور أن هذه المستجدات لا تُعتبر مجرد تعديلات تقنية، بل جزء من رؤية أوسع لتحديث السياسة الجنائية والرفع من جودة الأبحاث، وتكريس مبادئ عدالة جنائية عصرية قائمة على الشفافية والدقة وضمان حقوق الأفراد. كما تندرج ضمن ملاءمة التشريع الوطني مع الالتزامات الدستورية والدولية التي تشدد على صون الحرية الفردية واحترام قرينة البراءة.

تشكّل القواعد الجديدة المنظمة لمذكرات البحث تحوّلاً مهماً في مسار الممارسة القضائية بالمغرب، إذ تمنح النيابة العامة أدوات أوضح وأشد صرامة للتحكم في هذا الإجراء الحساس، مع تعزيز حماية الأفراد والحد من أي تجاوزات محتملة. هذه الخطوة تعكس إرادة حقيقية لتحديث منظومة العدالة وتعزيز الثقة في المؤسسات القضائية، مما يسهم في بناء نظام قضائي أكثر فعالية وعدالة.