باحتون اقتصاديين: البطالة والبيروقراطية من أهم معيقات الأستتمار في المغرب
جلبت البيانات التي كشف عنها مكتب الصرف بخصوص تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة اهتمام متتبعين للمجال الاقتصادي الوطني، لاسيما أن هذه المعطيات تحدثت عن صاف لهذه الاستثمارات بلغ 4,411 مليارات درهم عند متم فبراير الماضي، أي بارتفاع نسبته 24,9 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من السنة الماضية، وهو ما بدا “مؤشراً على تطور ما”.
في هذا الصدد علق باحثون في الشأن الاقتصادي على الموضوع، معتبرين أن “جهود المغرب لجذب الاستثمارات تؤتي أكلها، لكنها مازالت بمفارقة عجيبة، إذ لا تنعكس إيجاباً على الرفع من نسبة التشغيل، بما أن المعطيات الرسمية حول ارتفاع العطالة باتت مقلقة”؛ غير أن أحد الباحثين اعتبر، في حديث لهسبريس، أن “القابلية للاستثمار التي تميّز بها المغرب في السنين الأخيرة جعلت منافسيه التقليديين أقلّ حظّا في هذه المشاريع الأجنبية”.
إستراتيجية وطنية
ياسين اعليا، باحث في الشأن الاقتصادي، اعتبر أن “هذا الارتفاع اللاّفت يرجع إلى اعتماد المغرب مجموعة من الإستراتيجيات والبرامج الوطنية المحفزة لتدفق الاستثمارات الأجنبية، خاصةً في القطاعات الحيوية والقطاعات الواعدة التي تراهن الدولة على تعزيز مساهمتها في إنعاش الاقتصاد الوطني وخلق القيمة المُضافة، على غرار قطاع صناعة السيارات والطائرات وأجزائها وقطاع الطاقات المتجددة”.
وأشار اعليا، في تصريح لهسبريس، إلى “التحفيزات التي يخص بها المغرب الاستثمار، إضافة إلى المقتضيات التي تضمنها ميثاقه الجديد”، عادّا إياها “عوامل عززت من جاذبية البلد الشمال إفريقي بالنسبة لرأس المال الأجنبي، إضافة إلى عامل الاستقرار السياسي والأمني”، وزاد: “التوجهات الاقتصادية الرسمية تفسر بدورها نجاح المغرب في جذب استثمارات مهمة هذه السنة، بالضبط في ظل المنافسة التي يعرفها من دول أخرى”.
وسجل المتحدث في المقابل أن “الاستثمارات الأجنبية في المغرب مازالت إلى حد الآن غير قادرة على خلق فرص شغل كافية لامتصاص البطالة أو على الأقل التقليص من نسبتها إلى مستويات مقبولة، وهذا هو الإشكال الذي مازال يواجه البلاد على هذا المستوى”، مؤكدا أن “اليد العاملة المؤهلة وذات التكلفة المنخفضة، التي تعد بالمناسبة عاملا أساسيا في اختيار المستثمرين الأجانب هذه الوجهة الاقتصادية أو تلك، متوفرة في المملكة المغربية وبنسبة كبيرة تفوق الطلب عليها”.
فرق وأسئلة
عبد الخالق التهامي، جامعي وأكاديمي باحث في الاقتصاد، انطلق من النقطة التي لفت إليها اعليا، معتبرا أن “الاستثمارات التي تأتي للمغرب بشكل ينتعشُ باستمرار، في ظل ارتفاع نسبة البطالة، تصبّ في قطاعات لا تتطلّب عدداً كبيراً من مناصب الشغل، وحتى إذا ارتفعت قيمتها المضافة فهي لا تخلق فرص عمل تتماشى معها؛ وهو ما يجعل نوعاً من الاختلال بين العرض والطلب في اليد العاملة”.
ولفت التهامي، في تصريحه لهسبريس، إلى أن “مناخ الاستثمار في المغرب يمكن عموما وصفه بالإيجابي، غير أنه مازالت هناك مجموعة من الإشكاليات المرتبطة ببطء تنزيل بعض الأوراش الاقتصادية والاستثمارية الكبرى”، مسجلاً “وجود منافسة حادة وشرسة من تركيا ومصر وتونس، فيما المغرب يتميز عن هذه البلدان بكونه يوفر للمستثمر وضعية تضمن له الاستقرار والمردودية”.
وأضاف المتحدث ذاته: “الاقتصاد المغربي له نوع من المتانة والاستثمار فيه مضمون، غير أنه يحتاج إلى تجاوز بعض التعقيدات البيروقرطية التي قد تحدّ من مساهمة الاستثمار الأجنبي في تحسين المؤشرات الاقتصادية الوطنية”، خاتماً بأن “المغرب بذل جهوداً كبيرة لاستقدام هذه الاستثمارات، نظرا لأهميتها الحيوية، حتى لو كانت مساهمتها في الناتج الداخلي الإجمالي ليست كبيرة للغاية، ولكنها مهمة وفارقة”.