أثار محمد مهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، جدلًا واسعًا بعدما طرح فكرة إنشاء مراكز للألعاب الإلكترونية كحل لمشاكل الشباب، وخاصة فيما يتعلق بالبطالة ونقص الفضاءات الترفيهية. الوزير أوضح أن المشروع سينفذ بالشراكة بين القطاع الخاص والجماعات المحلية، ويهدف إلى تنمية المهارات الرقمية للشباب ومكافحة الملل. لكن هذا التصريح لم يمر مرور الكرام، بل أشعل موجة من السخرية والانتقادات على منصات التواصل الاجتماعي.
لم يتأخر رد الفعل على كلمات الوزير، حيث قارنها العديد من المغردين بتصريح ماري أنطوانيت زوجة لويس السادس عشر الشهير: “إذا لم يكن لديكم خبز، فكلوا الكعك!”. هذا التشبيه يعكس شعورًا عامًا بأن الاقتراح بعيد كل البعد عن الواقع المعيشي للشباب المغربي، الذي يعاني من أزمات حادة مثل البطالة وصعوبة الحصول على السكن والخدمات الأساسية.
ويرى المنتقدون أن الحديث عن الألعاب الإلكترونية كحل لمشاكل هيكلية مثل البطالة يعد نوعًا من التهرب من المسؤولية، بل واستهانة بمعاناة الشباب اليومية. فكيف يمكن للألعاب أن توفر فرص عمل دائمة؟ وكيف يمكن أن تحل مشاكل اقتصادية واجتماعية متجذرة؟
من جهة أخرى، يرى المؤيدون أن فكرة الوزير تستحق الفرصة، فالألعاب الإلكترونية لم تعد مجرد وسيلة للترفيه، بل أصبحت صناعة عالمية تدر مليارات الدولارات وتوفر فرص عمل في مجالات مثل البرمجة والتصميم والتسويق. إنشاء مراكز متخصصة قد يساعد في اكتشاف المواهب الشابة ويوجهها نحو قطاعات مستقبلية واعدة.
غير أن هذا التوجه يظل بحاجة إلى خطط استراتيجية واضحة، وربطها ببرامج تدريب واحتضان حقيقية، وإلا تحولت إلى مجرد مساحات لتمضية الوقت دون أثر حقيقي على حياة الشباب.
يبقى السؤال الأهم: هل الألعاب الإلكترونية هي الحل الأمثل لمشاكل الشباب في المغرب؟ الواقع يقول إن الشباب يحتاج إلى حلول جذرية تعالج قضايا العمل والكرامة والاندماج الاجتماعي. الألعاب الإلكترونية قد تكون جزءًا من منظومة حلول، لكنها ليست بديلًا عن سياسات اقتصادية واجتماعية شاملة.
الجواب عن هذا السؤال يتطلب نقاشًا جادًا بين الحكومة والفاعلين الاقتصاديين والشباب أنفسهم، لوضع الأولويات في مكانها الصحيح. فالشباب لا يحتاج فقط إلى مساحات للترفيه، بل إلى فرص حقيقية لبناء مستقبلهم.
في النهاية، يبدو أن تصريح الوزير فتح الباب لنقاش أعمق حول رؤية الحكومة لملف الشباب، وما إذا كانت الحلول المطروحة تلامس تطلعاتهم أم تتعامل معها بشكل سطحي. الساحة الآن مفتوحة للحوار، والشباب في انتظار إجابات واضحة وأفعال ملموسة.