جريدة

بوريطة يؤكد على دعمه لمغاربة إسبانيا ضد العنصرية

ميديا أونكيت 24

أعلن وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، عن استراتيجية دبلوماسية مزدوجة التركيز. من ناحية، تحمي الحقوق اليومية لأكبر جالية أجنبية في إسبانيا (نحو مليون مغربي)، ومن ناحية أخرى، تواجه حملات خطاب الكراهية المتصاعدة.

تستند رؤية الوزير بوريطة إلى مقاربة دبلوماسية استباقية تهدف إلى حماية المغاربة في إسبانيا قبل وقوع الأحداث، مع الاستجابة الفورية عند حدوثها. وقد حددت وزارته آليات متعددة المستويات لهذه الاستراتيجية:

أولاً، على المستوى الوقائي، تراهن الوزارة على البعد الثقافي كأداة أساسية لمواجهة العنصرية. وتدعم بشكل خاص مؤسسة “الثقافات الثلاث” في إشبيلية التي تروج لقيم الحوار والتعايش وتعريف الإسبان بالثقافة المغربية.

ثانياً، على مستوى التدخل السريع، أوضح بوريطة أن سفارة المغرب بمدريد والقنصليات تتفاعل بشكل فوري مع كل الاعتداءات ذات الطابع العنصري. تشمل هذه التدخلات التواصل المباشر مع السلطات الإسبانية المركزية والمحلية للحصول على معطيات رسمية ومتابعة الإجراءات المتخذة.

ثالثاً، في مجال الدفاع عن صورة الجالية، تعمل المصالح الدبلوماسية على التصدي لما وصفه الوزير بـ”الافتراءات” التي قد تُروج ضد المغاربة، خاصة تلك المرتبطة بحوادث معزولة تُنسب خطأً إليهم. وتركز في المقابل على إبراز الدور الاقتصادي والاجتماعي الحيوي الذي يضطلعون به في إسبانيا.

أشار بوريطة في تحليله إلى أن انتشار الصور النمطية والمعلومات المضللة، إلى جانب صعود الخطاب اليميني المتطرف، يساهم في تغذية مواقف معادية للأجانب في إسبانيا. وفي يوليو الماضي، سادت أجواء توتر في بلدة طوري باتشيكو بإقليم مورسيا بعد سلسلة وقائع أعادت الجدل حول العلاقة بين المهاجرين والسكان المحليين.

وتُظهر الأرقام الرسمية اتساع نطاق المشكلة؛ ففي تقرير وحده لمرصد العنصرية ورهاب الأجانب الإسباني (OBERAXE)، تم رصد 52،958 رسالة عنصرية ومعادية للأجانب خلال شهر أكتوبر 2025، ليصل العدد الإجمالي لمثل هذه المحتويات خلال الأشهر العشرة الأولى من العام إلى 740،144 رسالة.

وفي الوقت نفسه، تبرز الأرقام الاقتصادية الدور الحيوي للمغاربة في الاقتصاد الإسباني. فالمغرب هو البلد الأصلي لأكبر مجموعة من العمال الأجانب في إسبانيا، مع أكثر من 365،000 عامل مسجلين في الضمان الاجتماعي. كما تساهم تحويلاتهم المالية إلى المغرب بشكل كبير في الاقتصاد الوطني، حيث بلغت أكثر من 92 مليار درهم (حوالي 8.5 مليار دولار) مع نهاية سبتمبر 2025.

تعمل الاستراتيجية الدبلوماسية المغربية ضمن مناخ سياسي شديد التعقيد، حيث تتشابك قضايا الجالية مع ملفات تاريخية وسياسية عميقة:

حيث أثار حزب “سومار” الإسباني الحاكم جدلاً واسعاً بمقترح برلماني يدعو إلى إدراج الحقبة الاستعمارية الإسبانية في شمال المغرب ضمن السياسات التعليمية والثقافية، مع إشارة خاصة إلى “حرب الريف” (1921-1927) واستخدام الأسلحة الكيميائية.
تواصل إسبانيا مناورات عسكرية مثل “سينيرجيا 2025” قبالة سواحل المغرب، مما يزيد من حساسية العلاقات بين البلدين.

رغم هذه التحديات، شهدت العلاقات بين البلدين تطورات إيجابية على مستوى التعاون الرسمي. ففي ديسمبر 2025، وقّعت إسبانيا والمغرب “إعلان نية” لتعزيز التعاون الثنائي في منع خطاب الكراهية والاستجابة له، من خلال التعاون المؤسسي، حملات التوعية العامة، وجهود مشتركة لمكافحة التضليل الإعلامي.

ويُعد مشروع “وفيرة” مثالاً على هذا التعاون العملي، حيث يهدف إلى تحسين شروط الهجرة الدائرية خلال موسم حصاد التوت في هويلبا، مع توفير تدريب ريادة الأعمال للنساء المغربيات المشاركات.

غير أن هذا التعاون الرسمي يصطدم بتيارات سياسية متعارضة داخل إسبانيا، حيث تستغل الأحزاب اليمينية المتطرفة التوترات المحلية لإطلاق خطابات تحمّل المهاجرين مسؤولية الاختلالات الأمنية، ما يزيد من حدّة التوتر في الشارع الإسباني.

في قلب هذه المعركة الدبلوماسية، تتصارع سرديتان أساسيتان من جهة، تقدم الدبلوماسية المغربية والمؤسسات الإسبانية الرسمية صورة الجالية المغربية كشريك اقتصادي حيوي يساهم في النمو الاقتصادي الإسباني ويواجه التحديات الديموغرافية من خلال إضافة قوة عاملة شابة تدعم نظام الرفاه الاجتماعي.

تواجه الدبلوماسية المغربية في إسبانيا تحديات مركبة تتراوح بين حماية الأفراد من الاعتداءات العنصرية المعزولة، ومواجهة خطاب الكراهية المنظم، والرد على الهجمات الإعلامية والسياسية التي تستهدف صورة المغرب كدولة.

ويؤكد بوريطة أن الحوادث المسجلة تبقى معزولة ولا تعكس وجود مناخ عام معاد للمغاربة في إسبانيا، مشيراً إلى أن هذه الأفعال غالباً ما تقابل برفض واستنكار واسع من مختلف الفاعلين في المجتمع الإسباني.