جريدة

بوغوتا :الاحتفال بيوم افريقيا ودعوات لفضاء اطلسي مزدهر بين افريقيا وامريكا اللاتينية

ميديا أونكيت 24

شكل “الأطلسي: فضاء أساسي للتعاون الاستراتيجي بين المغرب وإفريقيا وأمريكا اللاتينية”، موضوع ندوة نظمتها سفيرة المملكة بكولومبيا السيدة فريدة لوداية في جامعة “لا غران كولومبيا” المرموقة بمناسبة الاحتفال بيوم أفريقيا.

 وفي البداية، أبرزت السيدة لوداية الدور الرئيسي الذي لعبه المغرب، منذ بداية الستينات، في بروز وعي أفريقي جماعي، وبالتالي إرساء أسس إنشاء منظمة الوحدة الأفريقية، التي أصبحت في ما بعد الاتحاد الأفريقي.

ثم سلطت السيدة لوداية الضوء على الأهمية الجيواستراتيجية للفضاء الأطلسي، فضلا عن الصعود القوي لجنوب المحيط الأطلسي في الدينامية الدولية الجديدة، التي تمثلها أفريقيا وأمريكا اللاتينية، باعتباره “فضاء جيوسياسيا رئيسيا له خصائصه وتحدياته الخاصة ( التغيرات المناخية، والأمن الغذائي، وتدفقات الهجرة، والأمن الإقليمي،وغير ذلك)”، وقبل كل شيء باعتباره “فضاء جيواقتصاديا رئيسيا وقطبًا تنمويا ذا أهمية كبيرة”.

وفي السياق، أشارت السيدة لوداية إلى الإمكانات الهائلة التي تتمتع بها أفريقيا وأمريكا اللاتينية، والتي “تمثل الاقتصادات الناشئة في تطور مستمر وتمتلك مزايا مهمة، وفي مقدمتها الأراضي الشاسعة والموارد الوفيرة فضلا عن ساكنة معظمها من الشباب.

وأضافت أن “الاندماج الذي يربط بين اقتصادات أفريقيا وأمريكا اللاتينية من شأنه أن يؤدي إلى ظهور سوق هائلة تضم أكثر من ملياري شخص”، وهي شراكة، إذا نجحت في أن تؤتي ثمارها، “يمكن أن تحقق فوائد متبادلة هائلة وستشكل إطارا مناسبا لتعزيز قدر أكبر من الاستقلالية والتكامل بين المنطقتين في إطار التعاون جنوب جنوب.

وشددت السيدة لوداية أيضا على الدور الذي يمكن أن يلعبه المغرب في تسهيل التقارب بين إفريقيا وأمريكا اللاتينية حول جنوب المحيط الأطلسي بهدف بناء هذا الفضاء لجعله “منطقة رخاء مشترك”.

وقدمت سفيرة المغرب بكولومبيا، في هذا الصدد، لمحة عامة عن نقاط القوة والإمكانات التي يتمتع بها المغرب كمركز لوجستي ومالي رائد في إفريقيا، وكذا المكانة الريادية التي تحتلها المملكة في مختلف القطاعات الاقتصادية على مستوى المحيط الاقليمي والقاري.

وفي هذا السياق، أبرزت المبادئ التي توجه سياسة المغرب الإفريقية، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي وضع دائما “إفريقيا في صلب أولوياته”، وكذا “التزام المملكة القوي والموثوق في خدمة القيم الأفريقية وأهداف السلام والأمن والتنمية.

وإلى جانب حضوره القوي بإفريقيا، كان المغرب رائدا في التوجه  نحو الجانب الآخر من جنوب المحيط الأطلسي، حيث تمكنت المملكة من بناء علاقات قوية مع غالبية دول أمريكا اللاتينية، خاصة بفضل الزيارة الملكية التي قام بها جلالة الملك لهذه المنطقة سنة 2004، بالإضافة إلى الحضور الفاعل للمغرب، كملاحظ في مختلف منتديات الاندماج بأمريكا اللاتينية.
وأضافت أن “هذه العلاقة المتميزة سمحت للمغرب ليس فقط بتعزيز حضوره في أمريكا اللاتينية ومختلف تجمعاتها شبه الإقليمية بل أيضا بتقريب أمريكا اللاتينية من أفريقيا، التي لا تزال تشكل فضاء غير مستكشف بالنسبة لمعظم بلدان أمريكا اللاتينية”.

وإدراكا لهذه الإمكانية، قالت السيدة لوداية، “يمكن للمغرب أن يلعب دورا رئيسيا في التقريب بين أفريقيا وأمريكا اللاتينية”، خاصة وأن “المملكة قد وضعت بالفعل أسس هذا التوجه الجيوسياسي الجديد من خلال إطلاق عدد من المبادرات واسعة النطاق موجهة نحو الفضاء الأطلسي”، مع الأخذ في الاعتبار العملية الأطلسية الإفريقية، التي أطلقتها المملكة سنة 2009، والتي تضم الدول الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي وعددها 23 دولة، وكذا المبادرة الدولية التي أطلقها جلالة الملك سنة 2023 لتعزيز وصول دول الساحل إلى المحيط الأطلسي.

وشددت السيدة لوداية على أن “هذه المبادرات الأفرو-أطلسية، التي روج لها المغرب، يمكن أن تشكل أساسا لبدء التفكير في مسارات التقارب بين أفريقيا وأمريكا اللاتينية، في إطار مربح للجانبين متعدد الأبعاد والأوجه”، مشددة على أن “التعاون جنوب-جنوب الذي يتطلع إليه المغرب ليس شعارا بسيطا، بل هو ضرورة تفرضها القضايا والتحديات العديدة التي تواجه فضاء جنوب الأطلسي، وأيضا من أجل استكشاف الفرص الهائلة التي يوفرها”.

وخلصت إلى أن “الأطلسي أكثر من مجرد محيط”، فهو يقدم “فضاء جيواستراتيجيا من الفرص، تفضي إلى خلق عمليات تكامل جديدة، إقليمية وشبه إقليمية، شاملة ومتداخلة الجوانب  بين أفريقيا وأميركا اللاتينية”.

وأضافت أنه إذا تمكنا من تقريب القارة الأفريقية من أمريكا اللاتينية، “فيمكننا أن نشكل تكتلا  قويا وتنافسيا يمكنه الدفاع عن مصالح الجنوب العالمي في عالم يتزايد فيه عدم اليقين ويتغير باستمرار”.

ورحب متحدثون آخرون في هذا اللقاء بمبادرة سفارة المغرب بكولومبيا للاحتفال بيوم أفريقيا، ولا سيما عميد جامعة “لا غران كولومبيا”، السيد ماركو توليو كالديرون، وكذا رئيس منتدى  الصحفيين ببوغوتا، السيد فيكتور هوغو لوسيرو، الذي دعا بشكل خاص إلى “وحدة إفريقيا وأمريكا اللاتينية، تحت قيادة ومبادرة المغرب”.

واختتم هذا الحفل بعرض قدمه السيد أندريس هورتادو غارسيا، وهو كاتب، وأستاذ، وصحفي ومصور فوتوغرافي كولومبي ذو شهرة العالمية، من خلال سلسلة من الصور الملتقطة خلال رحلاته العديدة إلى المغرب، سلط فيها الضوء على التراث التاريخي والحضاري الكبير للمملكة، والتي وصفها بـ”أرض الأحلام”، فضلا عن الريادة التي يمارسها المغرب في مجال السياحة بإفريقيا وفي العالم.

وشارك في هذا الاحتفال عدد من كبار المسؤولين في وزارة الخارجية الكولومبية، والعديد من السفراء والشخصيات السياسية ورؤساء الجامعات والباحثين، والعديد من الشخصيات المنتمية للوسط الإعلامي بالإضافة إلى ممثلي المجتمع المدني ومراكز التفكير.

وتم بالمناسبة تنظيم حفل استقبال في ختام هذا اللقاء.