جريدة

تسليط الضوء بأبيدجان على جهود المغرب في مكافحة الإرهاب وتعزيز التعاون جنوب-جنوب خلال مؤتمر الاتحاد البرلماني الإفريقي

تم خلال أشغال الدورة ال45 لمؤتمر الاتحاد البرلماني الإفريقي، الخميس بأبيدجان، تسليط الضوء على الجهود التي يبذلها المغرب وتجربته الفريدة، بفضل الرؤية الحكيمة وبعيدة النظر لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، في مكافحة الإرهاب وتعزيز التعاون جنوب-جنوب.

وفي كلمته بالمناسبة قال رئيس الوفد البرلماني المغربي المشارك في اجتماعات الاتحاد البرلماني الإفريقي (11-15 ديسمبر)، السيد الكرش خليهنا، منسق مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بمجلس المستشارين وعضو اللجنة التنفيذية للاتحاد، إن الإرهاب يظل أحد أخطر التحديات التي تواجه القارة الأفريقية.

وأضاف أن القارة الإفريقية تواجه جملة من الإشكالات العميقة، كالأزمات الصحية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية، والنزاعات المسلحة، وتدهور الأمن الغذائي وتدفقات الهجرة وغيرها من الرهانات التي تؤثر على مختلف جوانب الحياة الإنسانية، والتي تتطلب منا تعزيز التعاون الإفريقي الذي يظل أمرا ضروريا وحاسما لمواجهتها.

وأوضح أن انعدام الأمن يبقى من بين أخطر هذه الإشكاليات، بحيث يؤثر بطريقة مباشرة على الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي للدول في إفريقيا، ويعرقل تحقيق التنمية المستدامة والاستقرار في المنطقة، مشيرا الى أنه من بين أكبر التحديات التي تتسبب في انعدام الأمن في القارة هناك الصراعات المسلحة والجريمة المنظمة والفقر والمشاكل الاقتصادية والهجرة غير الشرعية.

وأكد السيد خليهنا أن الإرهاب يبقى من بين أخطر هذه التحديات، إذ أنه بحسب تشخيص التقارير العالمية الخاصة بمؤشرات الإرهاب، هناك سبعة من الدول العشر الأكثر تعرضا للإرهاب توجد في إفريقيا. وتتفاقم هذه الظاهرة بسبب المشاكل التي تعاني منها دول القارة، بحيث غالبا ما تستغل الجماعات الإرهابية إحباط الشباب لاستعمالهم وتجنيدهم في صفوفها.

وأضاف أن دول الساحل تعتبر من أكثر الدول المتضررة من هذه الآفة، مما يستدعي التفكير في حلول فعلية لإبعاد شبح الإرهاب عن هذه المنطقة، ولن يتم هذا إلا من خلال مبادرات حقيقية لتنمية المنطقة، وفي هذا الإطار تندرج مبادرة المملكة المغربية المتمثلة في إنشاء المنتدى الإفريقي الأطلسي، من أجل تنمية هيكلية للمجال الساحلي، وتحويله وفق الرؤية المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، إلى فضاء للتواصل الإنساني، والتكامل الاقتصادي، والإشعاع القاري والدولي، مع توطيد الأمن والاستقرار والازدهار المشترك، بحيث أن المشاكل والصعوبات، التي تواجه دول منطقة الساحل، لن يتم حلها بالأبعاد الأمنية والعسكرية فقط، بل باعتماد مقاربة تقوم على التعاون والتنمية المشتركة.

وذكر السيد خليهنا في هذا الخصوص باقتراح صاحب الجلالة الملك محمد السادس في خطابه السامي بمناسبة الذكرى ال48 للمسيرة الخضراء المظفرة، والمتمثل في إطلاق مبادرة على المستوى الدولي، تهدف إلى تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلس، حيث أكد جلالته على أن “نجاح هذه المبادرة، يبقى رهينا بتأهيل البنيات التحتية لدول الساحل، والعمل على ربطها بشبكات النقل والتواصل بمحيطها الإقليمي. والمغرب مستعد لوضع بنياته التحتية، الطرقية والمينائية والسكك الحديدية، رهن إشارة هذه الدول الشقيقة، إيمانا منا بأن هذه المبادرة ستشكل تحولا جوهريا في اقتصادها، وفي المنطقة كلها“.

وأشار السيد خليهنا من جهة أخرى الى أن انعدام الأمن والإرهاب يكبدان الدول الإفريقية، خسائر متراكمة تؤثر سلبا على فرص التنمية، وتحول موارد الدولة إلى مكافحة الإرهاب ومعالجة التداعيات المترتبة عنه، بحيث تسجل البلدان التي تعاني من حالات الصراع رقما قياسيا فيما يخص خسارة النمو السنوي بمقدار 3 نقاط مئوية سنويا، مما يؤدي إلى آثار تراكمية على الناتج الداخلي الخام للفرد، ويؤدي إلى انخفاض الاستثمارات والتجارة، وتراجع التنمية.

وأوضح في هذا الخصوص أنه ووفقا للدراسات، تشهد الدول التي تمر بحالة صراع انخفاضا في ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 15 إلى 20 في المائة بعد خمس سنوات، مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي الذي كانت ستحققه لولا الصراع.

وأشار الى أنه لمكافحة هذه الظاهرة لا يمكن الاعتماد على منهجية أمنية بحثة فقط، إذ أنه من الصعب تحقيق الأمن إلا من خلال نهج شامل ومتكامل يقارب بين العمل الأمني والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والدين، مشيرا الى أنه في هذا الإطار، عمل المغرب بفضل توجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس، على تطوير مقاربة خاصة في مجال مكافحة الإرهاب، بحيث أنها لا تنحصر فقط في رد الفعل، بل تشمل أيضا الوقاية، إذ تدمج المستويات الأمنية والروحية والتربوية والاجتماعية في مواجهة ظاهرة التطرف العنيف والتعصب.

وأكد السيد خليهنا أنه يمكن للبرلمانات الإفريقية  أن تساهم بشكل فعال في الجهود الحكومية لمكافحة الإرهاب من خلال ممارسة صلاحياتها الأساسية في سن التشريعات ذات الصلة واعتماد الميزانيات المناسبة، ودورها في مساءلة الحكومات عن فعالية تنفيذ التزاماتها، إذ ينبغي أن تتجه البرلمانات نحو معالجة العوامل البنيوية التي تساهم في تعزيز البيئة الحاضنة للإرهاب، من خلال حماية وتعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

وأوضح من جهة أخرى أن القارة الإفريقية اختارت منذ عقود نهج التكامل الإقليمي لتحقيق التنمية، لكن يبقى ضعف التجارة البينية من بين أهم الأشياء التي تحول دون تحقيق تكامل اقتصادي بين دولنا، إذ لا تتجاوز التجارة البينية 14.4  في المائة فقط من إجمالي الصادرات الإفريقية.

وأكد أنه يمكن لتوسيع نطاق التجارة البينية الإفريقية أن يلعب دورا مهما في تحقيق النمو الاقتصادي للدول الإفريقية، وتحسين الظروف المعيشية لمواطنيها، من خلال تحقيق الفرص التجارية للشركات، وتحقيق التوازن في العرض والطلب، وكذا توفير فرص عديدة للعمل في مختلف القطاعات.

وقال إن المغرب يولي انطلاقا من الرؤية الاستراتيجية والشاملة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس أهمية كبرى لأهداف التنمية الاقتصادية والتنمية المستدامة في القارة الإفريقية بحيث قام بإرساء نموذج واعد للتعاون جنوب-جنوب، ووقع على عدة اتفاقيات تعاون مع العديد من البلدان الإفريقية في مختلف المجالات.

كما أكد أن المملكة المغربية تعتبر من أهم المستثمرين في القارة في المجالات الاجتماعية والمالية والاقتصادية والتكنولوجية والبنيات التحتية، حيث أصبحت أول مستثمر إفريقي في غرب القارة، باستثمارات تصل إلى أكثر من 4,5 مليار دولار.

ويضم الوفد المغربي إلى المؤتمر أعضاء مجلس النواب زينب سيمو وحاتم بنرقية (التجمع الوطني للأحرار)، ونادية بوزندوفا (الأصالة والمعاصرة)، ومديحة خير وعبد الإله مهادي ( الوحدة والتعادلية) والشرقاوي الزنايدي (المجموعة الاشتراكية).