جريدة

تعديلات دستور الصومال.. تبرير الحكومة ورفض المعارض

صادق البرلمان الصومالي بمجلسيه الشعب والشيوخ، السبت الماضي، على تعديلات شملت الفصول الأربعة الأولى من دستور البلاد المكون من 15 فصلا، بعد شهرين من نقاشات مكثفة.

 

 

 

 

وتمهد تلك التعديلات لتحويل نظام الحكم في البلاد من برلماني إلى رئاسي، ضمن خطوة هي الأولى من نوعها منذ اعتماد الدستور المؤقت للصومال في أغسطس/آب 2012.

 

 

 

 

وركزت التعديلات الدستورية على تمديد ولاية الرئيس من 4 سنوات إلى 5 سنوات، ومنح الرئيس صلاحيات في تعيين وعزل رئيس الوزراء، وتشكيل لجنة مختصة بشؤون ترسيم الحدود والانتخابات، مكونة من 18 عضوا.

 

 

 

 

وبينما يوجد أكثر من 80 حزبا مسجل لدى لجنة الانتخابات الوطنية، معظمهم تشكل على أسس قبلية، ركزت التعديلات على انخراط كل الأحزاب ضمن 3 فقط، لنبذ الخلافات وتوحيد صفوف الشعب، ليشمل كل حزب عدة أطراف مختلفة الأفكار والمذاهب.

ولاقت هذه الخطوة معارضة سياسية قوية اعتبرتها محاولة من القيادة الحالية لتعزيز البقاء في السلطة، من خلال تجميد الهيئات التشريعية والتنفيذية.

موقف حكومي ثابت

تتمسك الحكومة بالمضي قدما في استكمال دستور البلاد والاستمرار في إجراءات التعديلات الدستورية، حيث تعتبر ذلك إصلاحات ضرورية في مؤسسات الدولة، وإعادة سلطة اختيار الممثلين السياسيين إلى الشعب عبر إجراء اقتراع شعبي مباشر.

 

 

 

 

كما اعتبرت أن النظام الرئاسي يقلل من خطر عدم الاستقرار السياسي الداخلي في البلاد.

 

 

 

 

 

وفي 22 مارس/ آذار الماضي عبر الرئيس حسن شيخ محمود عن إصراره لاستكمال دستور البلاد قبل نهاية ولايته الحالية منتصف مايو/ أيار 2026، كجزء من وعوده الانتخابية.

 

 

 

 

وتشمل التعديلات إجراء انتخابات مباشرة، واعتماد نظام دائرة انتخابية فردية، ويتبقى 11 فصلا تنتظر النقاشات البرلمانية.

بدوره، قال رئيس الوزراء حمزة بري مطلع أبريل/ نيسان الجاري في تعليقه على اعتماد التعديلات الجديدة، إنه لا يمكن إدارة دولة دون دستور رسمي، ولن يتحقق الاستقرار السياسي المنشود إلا عبر استكمال الدستور.

وشدد بري على عدم معقولية إبقاء الدستور معلقا منذ أكثر من 12 عاما لخلافات سياسية غير ضرورية.

بدوره، قال المحلل السياسي عبدي حرسي إن إجراءات تعديل الدستور التي يقوم بها البرلمان قد تنهي حقبة تضارب المصالح التي أعاقت البلاد من الدخول في مرحلة استقرار السياسي، وخاصة عند اقتراب الاستحقاقات الانتخابية مع نهاية كل فترة رئاسية.

وأضاف حرسي للأناضول أن “المعارضة السياسية الرافضة لهذه الإجراءات تخشى الوقوع في فخ الانتخابات الشعبية، لأنها تؤمن بأن الإدارة الحالية هي المرشح الأوفر حظا في الانتخابات الرئاسية المقبلة، في حال تمرير هذه التعديلات الدستورية”.

 

 

 

 

وأكد أن التعديلات الدستورية تشكل فرصة للمعارضة السياسية للمشاركة في استحقاق الانتخابات المقبلة، نظرا لتغير نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي، معتبرا أن المعارضة “تسعى بكل السبل لإفشال مساعي الحكومة الصومالية لاستكمال الدستور المؤقت في البلاد”.

رفض المعارضة

المعارضة انتقدت بشدة مشروع إجراءات تعديل بعض بنود الدستور المؤقت، واعتبرتها “خطوة لتعزيز سلطات الرئيس لبقائه بالسلطة لمدة أطول”.

وحذرت من أن هذه التعديلات “قد تفكك رابط نظام الفيدرالي الذي تتقاسم على أساسه القبائل الصومالية السلطة”.

كتلة المعارضة السياسية بقيادة كل من الرئيسين السابقين محمد عبدالله فرماجو وشريف شيخ أحمد، عقدت اجتماعا سياسيا في 29 مارس، في مدينة جروي بولاية بونتلاند (شمال شرق)، في محاولة لجمع أصوات المعارضة السياسية.

وأصدرت الكتلة بيانا دعت فيه البرلمان إلى عدم التصويت على هذه التعديلات، كونها تهدف لتحقيق المصالح السياسية للإدارة الحالية، كما تدخل البلاد في دوامة خلافات سياسية قد تعصف باستقرار البلاد.

رغم دعوات المعارضة السياسية، أقر البرلمان بمجلسيه التعديلات الدستورية التي تشمل 4 بنود من أصل 15، بحيث يناقش البرلمان البنود المتبقية في قادم جلساته، ليعقد بعدها جلسة أخيرة للمصادقة على جميع البنود المعدلة لدخولها حيز التنفيذ بعد توقيعها من قبل الرئيس.

وقاطع الرئيسان السابقان مصادقة البرلمان على التعديلات، وأصدرا بيانين منفصلين طالبا فيهما الرئيس الصومالي بـ”عدم الانجرار وراء هذه التعديلات التي لا تحظى بموافقة سياسية أو شعبية”، وحذرا من “محاولة الرئيس تجميد صلاحيات المؤسسات التشريعية والتنفيذية، لتحقيق مصالح سياسية شخصية”.

من جانبه، قال المحلل السياسي أحمد علي وهلية إن مبررات المعارضة السياسية لعرقلة التعديلات الدستورية لا تستند إلى حجة قانونية”.

وأضاف للأناضول أن المعارضة “ترفض تلك التعديلات فقط لأنها تعارض مصالحها السياسية، لكن بالنسبة للبلاد والشعب تشكل هذه التعديلات دفعة قوية نحو استقرار سياسي ونظام المؤسساتي في الدولية”.

وأكد أن الولايات الفيدرالية لديها تمثيل في البرلمان الممثل للشعب، “ما يعني أن مصادقة البرلمان على هذه التعديلات هي الطريقة الدستورية التي يتحتم على الحكومة اتباعها”.

 

 

 

 

أما فيما يخص أن التعديلات بحاجة لموافقة شعبية، وفق وهلية، “فهي أصلا غير ممكنة، حتى الدستور المؤقت الحالي لا يحظى بموافقة شعبية”.

 

 

 

 

أزمات داخلية وخارجية

المحلل السياسي عبدالنور علي، ربط بين التعديلات الدستورية وأزمة الصومال مع جارته إثيوبيا.

 

 

 

 

وحول ذلك قال علي إن “إصرار الحكومة على تمرير التعديلات دون الجلوس مع المعارضة لتسوية الخلافات بينهما، ينذر باندلاع أزمة سياسية جديدة في البلاد، قد تعيق جهود الحكومة لإفشال مساعي إثيوبيا للتدخل في شؤون البلاد”.

 

 

 

 

وجاءت التعديلات الدستورية في وقت تشهد فيه البلاد أزمة سياسية مع إثيوبيا منذ يناير/ كانون الثاني الماضي، بعد توقيع الأخيرة مذكرة تفاهم مع إقليم “أرض الصومال” الانفصالي، تمهّد الطريق لبناء قاعدة عسكرية إثيوبية وتأجير ميناء بربرة المطل على خليج عدن قرب مضيق باب المندب، لـ50 سنة.

 

 

 

 

الخطوة الإثيوبية أثارت مخاوف الحكومة الصومالية حيث أعلنت الخميس، طرد سفير أديس أبابا لديها، بعد حالة استياء من دول عربية وإقليمية من التقارب بين إثيوبيا و”أرض الصومال”.

 

 

 

 

كما تزامنت تلك التعديلات مع تحديات أمنية داخلية نتيجة الحرب ضد حركة “الشباب” التي تشكل تهديدا للدولة الصومالية، ما أثار حسب محللين مخاوف من أن تعيق هذه الاجراءات جهود الحكومة الحالية لتسوية هذه الملفات الشائكة.

 

 

 

 

ويخوض الصومال منذ سنوات حربا ضد حركة “الشباب” التي تأسست مطلع 2004، وتتبع فكريا لتنظيم “القاعدة” وتبنت عمليات إرهابية عديدة أودت بحياة مئات الأشخاص.