أعلن المجمع المهني المشترك للتمور في تونس، انطلاق موسم تصدير التمور للعام 2025، لكن القرار ارتبط بشرط لافت ومثير للجدل: توجيه الشحنات نحو جميع الأسواق باستثناء المغرب.
هذا القرار المفاجئ وضع نغمة غامضة على انطلاق واحدة من أهم الحملات الاقتصادية في البلاد، ودفع بالعلاقات الاقتصادية بين البلدين الجارين إلى دائرة التساؤل والتكهن.
يُعد السوق المغربي من أبرز المستوردين للتمور التونسية على مدى سنوات، نظراً للروابط الاقتصادية والاجتماعية المتينة، والذوق الاستهلاكي المتقارب بين الشعبين. يأتي هذا القرار في توقيت بالغ الحساسية، مع اقتراب شهر رمضان، الذي يشهد ذروة الطلب على التمور، مما يضع المصدرين التونسيين أمام خسارة سوق رئيسي في فترة ذهبية.
ويتساءل مراقبون اقتصاديون عن المبرر المنطقي وراء حرمان الاقتصاد التونسي من عائدات سوق مجاور وراسخ، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية العالمية الصعبة التي تتطلب توسيع نطاق التصدير وليس تضييقه.
في غياب أي تفسير رسمي من وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري التونسية، تعددت التكهنات والقراءات:
يرى بعض المحللين أن القرار قد يعود إلى وجود خلافات فنية تتعلق بالمواصفات أو الشروط الصحية، أو ربما بسبب قيود اقتصادية مفاجئة.
بينما يذهب آخرون إلى أن الاستبعاد يحمل في طياته رسالة سياسية، ويعكس حالة من التوتر غير المعلن في العلاقات الثنائية بين تونس والرباط، مستشهدين بسياق من التباعد الدبلوماسي الملحوظ في الفترة الأخيرة.
من جهتها، لا تزال السلطات المغربية تلتزم الصمت، في خطوة تفسر على أنها انتظار لموقف رسمي واضح من الجانب التونسي. ويترقب المراقبون أي بيان أو توضيح قد يقطع الشك باليقين، ويحدد طبيعة هذا القرار الغامض وما إذا كان مؤقتاً أم أنه إجراء طويل الأمد.
يُخشى أن يمتد تأثير هذا القرار ليتجاوز قطاع التمور، مهدداً بتبريد حرارة التبادل التجاري بمختلف قطاعاته بين البلدين. كما يثير تساؤلات حول مصير العديد من الاتفاقيات والتعاونيات الاقتصادية المشتركة في المستقبل.
بينما تبدأ الشحنات التونسية طريقها نحو أسواق أوروبا وأفريقيا وآسيا، يبقى السؤال معلقاً: لماذا ظل السوق الأقرب، جغرافياً وتاريخياً، خارج الخريطة هذا الموسم؟ الإجابة لا تزال حبيسة الصمت الرسمي، في انتظار كلمة قد تحدد مصير علاقة اقتصادية راسخة.