في ظل موجة عطش غير مسبوقة تعرفها منطقة أكني، بسبب شح الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، تصاعدت أصوات الاستغاثة من قلب البلدة بعد أن جفّت “عين تانوت”، أحد أقدم وأهم منابع المياه الطبيعية بالمنطقة، نتيجة تدخل بشري وُصف بالأناني وغير المسؤول.
“عين تانوت”، التي ارتبط اسمها بذاكرة القرية وتاريخها، لم تعد تسقي سكانها ولا ماشيتهم. والسبب، بحسب شهادات متطابقة من السكان، يعود إلى إقدام أحد الأشخاص، المعروف بامتلاكه لثلاث آبار خاصة، على تعميق بئر تقع مباشرة فوق موقع العين، رغم علمه المسبق بأن ذلك سيؤدي إلى حجب المياه عنها.
هذا الفعل، الذي وصفه نشطاء محليون بأنه “جريمة بيئية وإنسانية”، أثار موجة من الاستياء والغضب، خاصة في ظل ما يصفه السكان بـ”الصمت المريب” للجهات المسؤولة، والتي لم تبادر بأي تدخل عاجل، رغم تكرار حالات مشابهة في السنوات الماضية.
ويؤكد عدد من أبناء البلدة أن المياه تُستنزف بشكل ممنهج لسقي مزارع القنب الهندي (الحشيش)، في حين تُترك العشرات من الأسر والعائلات، بينهم أطفال وكبار السن، يعانون من العطش والتهميش.
مطالب شعبية عاجلة
وفي بيان استنكاري ونداء مفتوح، طالب سكان أكني بما يلي:
ردم البئر العشوائي الذي تسبب في تجفيف “عين تانوت”، وإعادة إنعاشها كمورد طبيعي تاريخي للقرية.
وقف فوضى حفر الآبار غير المرخصة التي تهدد التوازن البيئي والمائي للمنطقة.
تشديد المراقبة على استغلال الموارد المائية، وتجريم تبذيرها في الأنشطة غير القانونية، وعلى رأسها زراعة المخدرات.
سنّ قوانين رادعة تحمي الثروات المائية، وتمنع احتكارها من طرف فئة قليلة على حساب الصالح العام.
الماء.. حق جماعي لا يُباع ولا يُحتكر
ويؤكد السكان أن “الماء ليس ملكية فردية”، بل هو حق جماعي أصيل ينبغي حمايته من الجشع والاستغلال العشوائي. ويطالبون السلطات المحلية والإقليمية بالتدخل العاجل قبل أن تتحول المنطقة إلى نقطة عطش دائمة، مع ما يترتب عن ذلك من آثار صحية واقتصادية واجتماعية.
وفي انتظار الاستجابة، تبقى “عين تانوت” رمزًا للأمل المنطفئ، ومثالًا صارخًا على ما يمكن أن تؤول إليه الأمور حينما يُترك المورد الطبيعي رهينة لأطماع الأفراد، في غياب الحزم والرقابة.