من تذوق الشاي والحلويات والأطباق المغربية الأصيلة التي يتسيدها الكسكس، إلى معاينة طقوس الحناء، ومن التأمل في رسوم الطرز على القفطان والجلباب المغربي إلى الاطلاع على مشغولات الحرف التقليدية العريقة، تعددت أروقة العرض وتكاملت لترسم صورة أمة عريقة واعية بتاريخها وتعرف كيف تصون ذاكرتها وتجددها.
لبى أبناء الجالية المغربية في جنيف ومختلف المدن السويسرية نداء جمعية “ضمان” الناشطة في دعم مبادرات مغاربة العالم ومواكبتهم في مشاريعهم التنموية، وتحول اللقاء إلى جمع لتثمين روح الانتماء والمواطنة وتعزيز تناقل القيم وطقوس فن العيش المغربي بين الأجيال.
وجسد انخراط أطفال من الجيل الثالث للهجرة في هذا البلد الأوروبي في احتفاليات هذا اليوم الثقافي الفني، وقد ارتدى معظمهم أقمصة بأسماء نجوم أسود الأطلس، تجذر المواطنة في كيان الإنسان المغربي مهما بعدت المسافة. وشكلت الورشات الفنية المبرمجة لفائدتهم مشتلا لتناقل قيم الانتماء المشترك وتفكيك رموزه الثقافية.
بدا ضيوف سويسريون، من الجنسين، سعداء وهم يستكملون رحلات سابقة قصيرة إلى المملكة بمعارف إضافية عن ثقافة غنية لمسوا عن كثب تنوعها وانفتاحها على الآخر، وتراقص زوار أجانب آخرون على نغمات الموسيقى الشعبية، وهم يستعرضون موكب العرس المغربي.
تقول إشراق بناني، رئيسة جمعية “ضمان”، إن الصالون الثقافي المغربي صمم ليكون بمثابة احتفال حي بالثقافة المغربية، يهدف إلى تثمين الثراء الثقافي والفني للمغرب في إطار عائلي ومجتمعي، من خلال تمكين الزوار من تجربة معايشة مباشرة لطقوس وأنشطة متنوعة مثل الحرف اليدوية والمطبخ والفن المغربي.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، تدرج رئيسة الجمعية المنظمة هذا الحدث “في سياق زمن معولم يحتم علينا أن نحافظ على ارتباطنا بجذورنا وأن نتقاسم تراثنا الثقافي مع الأجيال القادمة. وقد استجاب الصالون الثقافي لهذه الحاجة من خلال توفير منصة لاكتشاف الثقافة المغربية في إطار دافئ ومرحب”.
وفضلا عن تقديم لمحة عامة عن تنوع الثقافة المغربية من خلال مختلف أشكال التعبير، توخت هذه الفعالية، حسب إشراق بناني، تعزيز الروابط المجتمعية من خلال تعبئة مواطنين من مشارب مختلفة حول فكرة خدمة الثقافة المغربية ودعم الحرفيين والمبدعين من أصل مغربي من خلال توفير مساحة عرض مواتية للتسويق والتواصل وتبادل الخبرات.
وشكلت النساء المقاولات 90 في المائة من العارضين في مختلف الخدمات، وهو ما ينسجم مع أهداف جمعية “ضمان” التي تأسست مؤخرا بجنيف لدعم حاملي المشاريع والمبادرات من أصل مغربي، خصوصا من النساء، اللواتي يساهمن في الاقتصاد المحلي والتنوع الثقافي.
من جانبهم، اعتبر أفراد الجالية المغربية أن هذا الصالون يسد ثغرة طالت في المهجر السويسري الذي يعرف تزايدا في الحضور النوعي والكمي للمغاربة، وأعربوا عن أملهم في تجديد هذا النوع من اللقاءات بما يعزز اللحمة المغربية في هذا البلد والتعبئة الجماعية في خدمة مصالح البلاد وإشعاعها الثقافي ويسهم في التربية على المواطنة لفائدة الأجيال الجديدة من أبناء المهاجرين المغاربة.