جيش الأحتلال ينسحب من جنوب قطاع غزة
أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي اليوم الأحد، سحب قواته من جنوب قطاع غزة، مع دخول العدوان شهره السابع، في حين تستعد القاهرة لاستضافة مباحثات جديدة حول هدنة تتيح الإفراج عن الرهائن في القطاع وإدخال مزيد من المساعدات اليه.
وقال جيش الاحتلال في بيان “أنهت الفرقة 98 في الجيش الإسرائيلي اليوم الأحد 7 أبريل، مهمتها في خان يونس وغادرت قطاع غزة للراحة والاستعداد لعمليات مستقبلية”.
وأشار إلى أن قوة كبيرة لا تزال تعمل في القطاع الفلسطيني، بحسب الحاجة الاستراتيجية.
ونقلت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية عن مسؤول عسكري أن “الانسحاب يعود الى أن الجيش حق ق أهدافه في خان يونس”.
وقال: “لم تعد هناك حاجة للبقاء في المنطقة”.
وتابع: “فككت الفرقة 98 كتائب (حماس) في خان يونس وقتلت الآلاف من عناصرها. قمنا بكل ما كان علينا القيام به”.
دون أن يقدم تفاصيل بشأن الذين قتلوا، وتؤكد تقارير مستقلة أن غالبيتهم العظمى من المدنيين، خاصة النساء والأطفال.
وعقب الإعلان الإسرائيلي، شاهد مصور لوكالة “فرانس برس” فلسطينيين كانوا قد لجأوا إلى مدينة رفح في أقصى جنوب قطاع غزة يغادرون المدينة ويسلكون طريق خان يونس، سيرا على الأقدام، أو في سيارات، أو في عربات تجرها حمير.
وشهدت خان يونس، أكبر مدن الجنوب، على مدى أشهر عدوانا عنيفا، واجهته حركة “حماس” وباق فصائل المقاومة، بعمليات نوعية.
ويخشى سكان القطاع هجوما إسرائيليا على رفح التي لجأت إليها غالبية النازحين من القصف والقتال في القطاع المحاصر، بعد أن اعتبرها رئيس الوزراء الإسرائيلي “آخر معقل لحماس” في قطاع غزة.
وقال نتانياهو الأحد في خطاب أمام الحكومة بمناسبة مرور ستة أشهر على حربه على غزة: “نحن على بعد خطوة واحدة من النصر، لكن الثمن الذي دفعناه مؤلم ومفجع”. وأضاف “لن يكون هناك وقف لإطلاق النار دون عودة الرهائن. هذا لن يحدث”.
في إسرائيل، يزداد القلق على “الرهائن” الذين لا يزالون محتجزين في قطاع غزة، وينظم عشرات آلاف الإسرائيليين بشكل شبه يومي تظاهرات احتجاجية للمطالبة بالتوصل إلى اتفاق يفرج عن مخطوفيهم، كما يطالبون بانتخابات جديدة لإسقاط حكومة بنيامين نتانياهو.
في الوقت ذاته، تجد إسرائيل نفسها تحت ضغط تبدل لهجة حليفتها الولايات المتحدة، بعد أن طالبها الرئيس الأمريكي جو بايدن بحماية المدنيين وإبرام اتفاق لوقف النار وإطلاق الرهائن.
وتسببت الحرب على غزة بدمار واسع في القطاع الفلسطيني وتجاوزت حصيلة من استشهدوا ال33 ألفا وانهيار القطاع الصحي، وبالتالي بظروف إنسانية جعلت أكثر من مليوني شخص، غالبيتهم من النازحين، على مشارف المجاعة.
ويرتقب أن يبحث مسؤولون من الولايات المتحدة وإسرائيل وقطر و”حماس” في العاصمة المصرية اليوم، في اتفاق للهدنة.
وأوردت قناة “القاهرة الإخبارية”، أن رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وليام بيرنز، ورئيس “الموساد” الإسرائيلي ديفيد برنيع، ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني سيشاركون في المحادثات. ويمثل الجانب المصري رئيس المخابرات العامة عباس كامل.
كما أكدت “حماس” مشاركة وفد منها برئاسة القيادي خليل الحية.
وذكرت الحركة بأن مطالبها للاتفاق “تتمثل بوقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب قوات الاحتلال من غزة، وعودة النازحين إلى أماكن سكنهم وحرية حركة الناس وإغاثتهم وإيوائهم، وصفقة تبادل أسرى جدية، مؤكدة أن لا تنازل عنها”.
وسبق للطرفين أن أبرما هدنة استمرت أسبوعا في أواخر نونبر، أتاحت الإفراج عن أكثر من مائة “رهينة” وإطلاق سراح 240 من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وبلغت المعاناة الإنسانية في قطاع غزة مستويات غير مسبوقة.
وقالت رنا لب اد (41 عاما)، وهي أم لأربعة أطفال تقيم لدى أقارب في مخيم جباليا في شمال قطاع غزة بعدما دمر القصف منزلها، “ما يحدث لنا حرام وعار على العالم كله”.
وأضافت لوكالة “فرانس برس” أن “الأطفال يموتون من الجوع. خسرت أكثر من 17 كلغ (من وزني). ابني الصغير يطلب مني طعاما ولا أجد ما أعطيه إياه. نذهب للسوق للعثور على شيء نأكله، لا نجد شيئا، وإن وجدنا، ليس معنا ثمنه”.
وتابعت: “أكلنا طعام الطيور والدواب وحتى هذا لم يعد متوفرا ولم تعد أجسادنا تتحم له. أشعر بالقهر والحسرة كل ثانية وأتمنى الموت لي ولاطفالي حتى نرتاح من هذا العذاب”.
وقال محمد يونس (51 عاما)، وهو أب لستة أبناء من سكان بيت لاهيا في شمال القطاع حيث الجوع ونقص الغذاء أكثر إلحاحا، “ماذا أقول؟ الحيوانات تعيش أفضل منا”.
وتابع: “ماذا يريدون (الإسرائيليون) أكثر مما فعلوه؟ ستة شهور، يعني نصف عام والقصف والتجويع مستمران. من لم يمت بالقصف يموت من الجوع”.
وأعلن الجيش الإسرائيلي فجر الأحد، مقتل أربعة جنود في قطاع غزة، ما يرفع حصيلة الجنود الذين قتلوا منذ 27 أكتوبر إلى 260.
ومع تصاعد الحصيلة البشرية والأزمة الإنسانية وخطر المجاعة في القطاع الذي يقطنه 2,4 مليون نسمة، شددت واشنطن الداعمة لإسرائيل لهجتها حيال الدولة العبرية هذا الأسبوع.
وعلى خلفية التباينات المتزايدة بين الإدارة الأمريكية ونتانياهو، توجه زعيم المعارضة الاسرائيلية يائير لابيد الى واشنطن السبت لإجراء محادثات مع مسؤولين كبار، وفق ما أفاد حزبه.
ويواجه نتانياهو ضغوطا متزايدة في الداخل أيضا.
ومساء السبت، نظمت تظاهرات حاشدة في تل أبيب ومدن أخرى طالبت باستقالته وإجراء انتخابات مبكرة والتوصل لاتفاق بشأن “الرهائن” الذين أمضوا “ستة أشهر في الجحيم”، وفق ما كتب في إحدى اللافتات.
وقالت يفعات كالديرون، وهي قريبة عوفر كالديرون الذي ما زال “محتجزا رهينة” في غزة خلال حدث نظم في تل أبيب في ذكرى مرور ستة أشهر على خطفهم الأحد، “من فضلكم افعلوا كل ما في وسعكم، ادفعوا ثمن (تحريرهم) مهما كان، لا يهمني. أريد أن يعود عوفر والآخرون إلى الديار”.
بدورها صرحت لينا دروباشفسكي، هي إسرائيلية في الأربعين، الأحد رد ا على سؤال لفرانس برس حول مرور ستة أشهر على الحرب، “أنا حزينة فعلا على الأذى الذي يلحق بحياة الناس” في قطاع غزة، مضيفة “لكن هل أحم ل إسرائيل مسؤولية ذلك؟ لا. الجنود الذين يرسلون الى هناك يخاطرون بحياتهم ويخوضون حربا ضد منظمة إرهابية”.
لكنها تابعت “نريد ان نتمسك بأمل بأن هناك حلا”.
في الأيام الماضية، شددت دول غربية حليفة تقليديا لإسرائيل، لهجتها حيال الدولة العبرية، خصوصا عقب مقتل عاملين إنسانيين بقصف مسيرة إسرائيلية في غزة الإثنين.
وقال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يوم أمس السبت، إن لندن “مصدومة من حمام الدم” في غزة و”هذه الحرب الرهيبة يجب أن تنتهي. يجب إطلاق سراح الرهائن” وأن “تتدفق المساعدات”.
وقتل سبعة عاملين مع منظمة “وورلد سنترال كيتشن” (المطبخ المركزي العالمي)، هم ستة أجانب وفلسطيني، جراء قصف مسيرة طال ثلاث سيارات كانت تقلهم في دير البلح في وسط قطاع غزة. وأقر جيش الاحتلال الإسرائيلي الأربعاء الماضي، بارتكاب سلسلة “أخطاء فادحة”، قائلا إنه كان يستهدف “مسلحا من حماس”.
وتدخل المساعدات الخاضعة لمراقبة إسرائيلية صارمة بكميات ضئيلة جدا إلى غزة من خلال معبر رفح الحدودي مع مصر جنوبا . كما تقوم بعض البلدان بإلقاء مساعدات جوا، غير أن ذلك لا يكفي لتلبية حاجات السكان الهائلة. وأعلنت إسرائيل، تحت الضغوط، انها ستسمح بزيادة دخول المساعدات من معابر برية بينها وبين القطاع.
على الجبهة بين حزب الله وإسرائيل، شنت الأخيرة فجر الأحد غارات جوية على محافظة البقاع في شرق لبنان، مستهدفة مواقع ل”حزب الله”، بعد ساعات من إسقاط الحزب طائرة مسيرة إسرائيلية في جنوب لبنان.
وقال مصدر مقرب من الحزب لوكالة “فرانس برس”، إن الغارات “طالت معسكرات الشعرة في جرود جنتا على الحدود الشرقية مع سوريا، إضافة إلى بلدة السفري”.
وأكد جيش الاحتلال الإسرائيلي أن طائراته استهدفت “مجمعا عسكريا وثلاث بنى تحتية عسكرية أخرى تابعة لوحدة الدفاع الجوي التابعة لحزب الله في منطقة بعلبك وذلك رد ا على إسقاط طائرة مسيرة لسلاح الجو كانت تعمل في الأجواء اللبنانية” السبت.
ومنذ اندلاع الحرب على غزة، يجري قصف متبادل بشكل شبه يومي عبر الحدود بين “حزب الله” المدعوم من طهران، وجيش الاحتلال الإسرائيلي.