أكدت حركة حماس مجدداً أن موضوع تسليم سلاحها أو تفكيك ترسانتها العسكرية هو “خط أحمر” و”موضوع غير وارد على الإطلاق”، مُعلنةً إخراجه بشكل قاطع من دائرة النقاش في أي مفاوضات مستقبلية.
هذا الموقف، الذي تكرره الحركة في أكثر من مناسبة، ليس مجرد تفصيل تكتيكي عابر، بل هو جوهر رؤيتها واستراتيجيتها التي تبني عليها وجودها وسلطتها. فلبنانية المقاومة، كما تصفها، ليست مجرد أدوات دفاعية، بل هي رأس مالها السياسي والأيديولوجي، وعماد شرعيتها في نظر قاعدة مؤيديها، وضمانتها لتحقيق مكاسب على الأرض في أي عملية تفاوضية.
السلاح.. بين منطق المقاومة وشرعية التفاوض
من وجهة نظر الحركة، يمثل السلاح أدوات الردع الوحيدة التي تمتلكها لمواجهة ما تصفه “بالاحتلال الإسرائيلي”، وهي أداة تستخدمها لتحقيق توازن ردع غير متماثل. لذلك، فإن أي حديث عن نزع هذا السلاح يُعتبر، في أدبياتها، تفريطاً في المقاومة وتصفية للقضية.
هذا الموقف الثابت يضع أي وسيط دولي أو إقليمي أمام معضلة حقيقية. فمن ناحية، لا يمكن تحقيق هدنة دائمة أو سلام شامل دون معالجة مسألة السلاح في قطاع غزة، وهو مطلب إسرائيلي أساسي ترفعه أيضاً السلطة الفلسطينية. ومن ناحية أخرى، ترفض حماس مجرد وضع الملف على طاولة النقاش، مما يحول دون تحقيق أي اختراق على المسار السياسي، ويحصر الحلول في دوامة من التصعيد المتقطّع بفترات هدوء هشّة.
استمرار المأزق
يبدو أن هذا الموقف المتصلب من حماس بشأن سلاحها هو إدراك منها أن التفريط في هذا الملف يعني خسارة أهم ورقة ضغط تملكها، وربما يعني بداية نهاية هيمنتها على قطاع غزة. وهو ما يدفعها إلى تحويل هذا الملف إلى تابو غير قابل للمسّ.
في المقابل، يُغذي هذا الموقف جمود العملية السلمية برمتها، ويُبقي المنطقة على حافة الهاوية، حيث أن غياب حل سياسي شامل، يقابله تمسك جميع الأطراف بشروطها القبلية التي تتعارض في جوهرها.
النتيجة هي استمرار حالة اللاحل واللاسلم، حيث تبقى بندقية المقاومة، في نظر حركة حماس، هي القاضي والفيصل، بعيداً عن أروقة التفاوض وأروقة السياسة.