كشفت دراسة حديثة صادرة عن مركز السياسات للجنوب الجديد عن أرقام صادمة تعكس الواقع المرير للجيل Z في المغرب (المولودين بين 1997 و2012)، الذي يشكل ما يقرب من 9.6 مليون مواطن، أي 26.3% من إجمالي السكان. ورغم هذا الثقل الديموغرافي، يحذر الباحثون من أن هذا الجيل يواجه “هشاشة بنيوية مقلقة” تهدد بتمزيق النسيج الاجتماعي وتغذية ديناميكيات القطيعة بين الأجيال.
تشير الدراسة، التي أعدها الخبير الطيب مصطفى الرزرازي، إلى أن عدد الشباب المنتمين لهذا الجيل، والذين يصنفون ضمن فئة “لا في عمل، ولا تعليم، ولا تدريب” (NEET)، يقدر بـ 4.3 مليون شخص للفئة العمرية 15-34 عاماً.
وتكشف الأرقام عن صورة قاتمة لسوق العمل، حيث تصل نسبة البطالة بين الفئة العمرية 15-24 عاماً إلى مستوى “صادم” بلغ 35.8%. ولا تقتصر المشكلة على الأصغر سناً، فالبطالة بين الشباب في فئة 25-34 عاماً تسجل 21.9%. ويواجه ربع الشباب بين 15 و24 عاماً وضعية “إقصاء كلي”، بينما يعاني 15.2% من نقص العمالة، مما يكشف عن اقتصاد عاجز عن استيعاب الطاقات والقدرات الشابة.
لا تتوقف معاناة الجيل Z عند حدود البطالة والهشاشة الاقتصادية، بل تمتد إلى آلام نفسية واجتماعية عميقة. كشفت الدراسة أن هذا الجيل، الذي نشأ في عالم رقمي مترابط، يعاني من اضطرابات نفسية مرتبطة بـ “القلق البيئي” وعدم اليقين الاجتماعي والاقتصادي.
هذا القلق يساهم في توليد “هشاشة هوياتية” وشعور بـ “الخيانة” من الأجيال السابقة، مما يصعب عليهم التخطيط للمستقبل. ويؤكد الباحثون أن الاستخدام المكثف لشبكات التواصل الاجتماعي يزيد الأزمة تعقيداً، حيث تغذي هذه المنصات “المقارنة المستمرة” والبحث عن “التثبيت الخارجي” عبر “الإعجابات” والمشاركات، مما يعمق “الاعتماد الرمزي” ويرفع مستويات القلق والاكتئاب.
في مواجهة هذه التحديات، تحذر الدراسة من تحول الإحباط إلى آليات قطيعة، حيث يلجأ الشباب إلى آليات دفاعية نفسية مثل “الإسقاط”، بحمّلون جيل الآباء مسؤولية الإخفاقات الهيكلية.
وتشدد الدراسة على أن الحل لا يكمن في الترقيع، بل في العمل من أجل بناء “ميثاق بين الأجيال مجدد”. ويتطلب ذلك اعترافاً متبادلاً بين الأجيال، واستثماراً حقيقياً في إدماج الشباب في الاقتصاد والمجتمع.
تدق الدراسة ناقوس الخطر، مؤكدة أن المشاكل الهيكلية في التعليم والصحة تتطلب إصلاحات عميقة وطويلة الأمد. وتدعو بشكل صريح إلى تعزيز سياسات الإدماج في مجالات التعليم والتوظيف والصحة كجزء من الضرورات الملحة لتحويل طاقة القطيعة إلى “مشروع إصلاحي تراكمي” يضمن مستقبلاً أفضل للجميع، قبل فوات الأوان.