ذ. نعيمة بوعونات: الخروج من دائرة الزمن
“لست قادرا على العيش مع نفسي أكثر من ذلك”، جملة قالها الكاتب ايكهارت تول ليفصل بينه وبين نفسه كأنهما شخصين مختلفين (النفس الكارهة والنفس المكروهة).
كتاب قوة الآن يمدنا بتفسير للعديد من التساؤلات التي تتعبنا يوميا، هو كتاب كتب ليعاش.
أتعلم عزيزي القارئ أن العقل يكتب تقارير متواصلة لكل ما يحدث لك يوميا، لكنه عندما يعطيك هذه التقارير،يحرمك من العيش والاستمتاع باللحظة. يعطيك أرشفة الماضي وخطط المستقبل وينسيك أنك في حاضر يجب أن يعاش.
الأسوأ هو أنك تعيش هذا الوهم الذي هو الماضي والمستقبل وتُحرم لذة عيش الآن. عقلك جهاز أنت تمتلكه والصورة التي رسمها لك توهمك أنك أنت، لكن في الحقيقة أنت لست النفس التي
يرسمها لك عقلك. ما الحل اذا؟ هل ننام ولا نفكر ؟ طبعا لا.
يجب أن نصل لمرحلة نفكر متى نشاء ونتوقف عن التفكير متى نشاء. أول خطوة لكي تبدأ حياة الآن هي التعرف على هاته الأفكار التي تتعبك وتشاهدها كحوار وألا تتفاعل معها لأنها أصبحت من الماضي (مشاهدة العقل المفكر).
يعتقد بعض الناس أن الألم والمعاناة جزء من الإنسان وهذا هو قدره الحتمي، لكن الحقيقة أن الإنسان هو من يخلق معاناته بنفسه لأنه يقاوم عيش اللحظة ويصر على أن يعيش أحزان الماضي ومخاوف المستقبل. كل الكائنات على وجه الكرة الأرضية تستمتع باللحظة، فلا نجد مثالا على ذلك قطة تبكي على ماضيها أو شجرة تخاف مما سيحدث لها بالمستقبل، إلا الإنسان يصر على العيش في الماضي والمستقبل، وخلال هذا العيش في خط الزمن يجر تعاسته ومخاوفه.
ركز في قوتك الأن واستمتع بكل تفاصيل لحظاتك الآن وانسجم مع واقعك الحالي. قوة الآن هي حياة متواصلة لكل لحظة في حياتك. العقل له نظام منطقي جدا فمن عاداته أنه يقاوم التفكير في الآن.
العقل صنع نماذج تفكر وتحلل ما حدث في الماضي وتستنتج ما سيحصل في المستقبل لذلك يرفض الآن. التفاعل مع العقل يدخلك عالم الزمن أما مراقبة العقل فهي تدخلك عالم الازمن. ومن هذه الجملة نفهم أن هناك فرق بين التفاعل وبين المراقبة.
راقب الحوارات بدون تفاعل أو أحكام، راقب عقلك مراقبة جيدة واسمع الفكرة وابتسم. وبهذه الطريقة تكون قد دربت عقلك أن يركز على الآن.
فإذا صنعت اللحظة تكون قد صنعت ماض جميل ومستقبل أجمل، وفي النهاية أقول لك عزيزي القارئ: تحرر من عقلك المفكر وعش الآن.