زلزال الحوز: رسالة للجميع
كانت الزلازل و لازلت من الظواهر الطبيعية التي عجز الانسان عن التنبؤ بها و التي تثبت في كل مرة عجزنا امام سلطان الله
لقد كان زلزال الحوز مفاجئا للجميع و حتى خبراء الزلازل و علماء الجيولوجيا لم يخطر ببالهم ان يضرب زلزال بهذه القوة في تلك المنطقة الجبلية البعيدة جدا عن خطوط الزلازل المعروفة و عن مناطق إلتقاء الصفائح التكتونية التي يتكون منها سطح الأرض.
لعل من شهد هول الهزة في المدن البعيدة عن بؤرتها في مدن كأكادير و الدار البيضاء، سيصف حالة من الهلع و الرعب قل مثيلها. فقد عم الخوف الجميع و تسابق الكل إلى ترك منازلهم و ممتلكاتهم و الفرار بعيدا عنها رجاء النجاة. فافترش الناس الارض و التحفوا السماء في مشهد يذكر بيوم الفزع الاكبر.
و لعلنا نعجز عن تصور ما عاشه اخواننا في المناطق الجبلية القريبة من مركز الزلزال من الاهوال و المحن في لحظات اختلط فيها غبار الانقاض بريح الموت. و لم يكد يخلو بيت من مأتم و لا اسرة من فقيد و انا لله و انا اليه راجعون.
لقد كنت ممن يتردد على تلك المنطقة نظرا لطبيعة عملي، و التقيت بهؤلاء الناس الذين يسكنون جبال الاطلس الكبير سواء في جزئه الشمالي لمنطقة الحوز او في الجنوب من جبال تارودانت وصولا الى جماعة توبقال. فمع فقرهم الشديد و حاجتهم لأساسيات الحياة، الا انهم اهل خير و كرم. فالابتسامة لا تفارق محيا تلك المرأة العجوز التي تحمل أكوام الحطب على ظهرها استعدادا لشتاء قارس، حيت تمر بجوارها في الطريق، او ذلك الرجل الذي يسوس دابته في تلك البقاع الوعرة او مجموعة من الصغار يتبعون سيارتك باحذيتهم الممزقة في مرح و الفرحة تملأ وجوههم.
لعل ما يحزن في هذه الفاجعة هي انها اصابت قوما ضعفاء، يعيشون في منطقة تتبع لما يسمى بالمغرب غير النافع حيث لا يأبه بحالهم احد. و لعل هذا البلاء رسالة من الله تعالى لتتذكر الحكومة وجود هؤلاء في المغرب العميق. ان انفاق المليارات على مشاريع التهيئة الحضرية و المدن الكبرى هو امر محمود و مطلوب، لكن تحقيق العدالة المجالية هي من اولى الأولويات. ان تأخر الحكومة عن الخروج بتعزية و تخلف وزرائها عن الانتقال الى عين المكان من اجل الوقوف على الاضرار و مواساة الضحايا ليطرح اكثر من علامة استفهام. أليس هؤلاء من منحهم اصواتهم حتى يصلوا الى ما وصلوا اليه؟
ان فك العزلة عن هؤلاء القوم هي من اولى الأولويات. فلا يعقل ان نسمع كل مرة عن نساء يلدن على طهور البغال في مغرب القرن الواحد و العشرين. ان اغلب رجال هذه المناطق يطلبون الرزق في كبريات الحواضر كالدار البيضاء و مراكش نظرا لانسداد الافق و غياب فرص العمل. فالواجب توفير استثمارات في هذه المناطق من اجل خلق الثروة و تشجيع الناس على البقاء في قراهم، فتلك المناطق غنية بطبيعتها و اهلها و انما يحتاجون بعض الدعم لا غير.
نسأل الله ان يرحم شهدائنا الابرار و ان يخفف عنهم ما نزل و ان يعيننا على مساعدتهم من اجل الخروج من هذه المحنة