جريدة

زيارة “ماكرون” للمغرب التحولات والدلالات والآفاق الاقتصادية والسياسية والاستثمارية المنتظرة

محمد حميمداني

محمد حميمداني

وصل الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”. للمغرب اليوم الاثنين في زيارة رسمية تستهدف إعادة إحياء العلاقات السياسية والدبلوماسية بين البلدين. فأي دلالات تحملها هاته الزيارة؟ وما هي الآفاق المستقبلية المنتظرة؟

وتستند باريس في توجهاتها اتجاه الرباط لعمق تاريخ علاقات ممتدة لسنوات من الشراكة الاستراتيجية في كافة المجالات، الاقتصادية منها والثقافية والسياسية.

ويهدف “ماكرون” إلى استعادة توهج هاته العلاقات التي خفتت نتيجة المواقف الفرنسية اتجاه قضية الوحدة الترابية للمغرب. بعد الهزات التي حولت ربيع هاته العلاقات إلى خريف أثر على التواصل بين البلدين وهوى بمستوى التعاون الاقتصادي والتجاري إلى قعر لم يشهده في تاريخ العلاقات بين الجانبين المتميز.

الأكيد أن هاته الزيارة التي تأخرت لمدة طويلة نتيجة رمادية الموقف الفرنسي اتجاه قضية الصحراء المغربية عادت للتوهج واحتلال مكانتها التاريخية مع إعلان باريس الاعتراف بمخطط الحكم الذاتي المقترح من قبل المغرب. وسعيها أيضا لافتتاح تمثيلية دبلوماسية لها مع مركز ثقافي بمدينة العيون. عاصمة الأقاليم الجنوبية من المملكة المغربية.

وهو الدعم الذي عبر عنه “ماكرون” في وقت سابق رسالة لجلالة الملك “محمد السادس” من خلال رسالة عبر فيها عن دعم فرنسا لمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.

دلالات زيارة “ماكرون” للمغرب

تحمل زيارة “ماكرون” للمغرب عدة دلالات. إذ تمثل خطوة جديدة نحو تعزيز دور المغرب إقليميًا، وبخاصة على الصعيدين الأوروبي والمغاربي.

وفي هذا السياق قالت مجلة “لوبوان” الفرنسية. إن زيارة “ماكرون” تأتي محملة بالكثير من التفاؤل والأمل في طي صفحة الخلافات السابقة. لكنها تتطلب من الطرفين التوصل لتفاهمات حول بعض القضايا العالقة التي أثرت على العلاقات الثنائية في السنوات الماضية.

الأكيد أن العلاقات المغربية الفرنسية عانت خلال الفترة الأخيرة من تصدعات ناتجة عن المواقف الفرنسية المعادية للوحدة الترابية للمغرب. والتي كانت أقواها قيادة برلمانييها لمواقف معادية للمغرب من داخل البرلمان المغربي.

ويأمل الفرنسيون لاستعادة هاته العلاقات بقوة وهو التفاؤل الذي نقله محللون الذين أبرزو احتمال أن تحمل هاته الزيارة توقيع صفقات اقتصادية كبيرة.فيما  يرى آخرون أنها قد تتضمن تقديم تسهيلات وامتيازات للشركات الفرنسية في السوق المغربي. كجزء من التزام البلدين بتعزيز التعاون الاقتصادي القائم.

إلا ان تحديات تبقى قائمة ويقوم التغلب عليها رهين بمدى قدرة البلدين على تجاوز تلك العقبات السياسية والمصالح المتباينة القائمة. دفعا لعلاقات أوثق وتعزيزا لمسار تاريخي لاستعادة التوهج الذي انطفأ في مضمار بناء أفق مشرق لهاته العلاقات.

وينتظر أن تعرف هاته الزيارة إجراء مباحثات اقتصادية وسياسية رفيعة المستوى. حيث يسعى الطرفان لتحقيق الاستفادة القصوى من فرص التعاون القائمة والدفع بها خطوات للأمام. خاصة في مجالات الطاقة المتجددة، الصناعات التحويلية والتعاون الأمني. كتحديات استراتيجية كبرى تعتبر هاته الزيارة مختبرا لمجابهتها أمام الهزات التي عاشتها فرنسا وانحسار وجودها افريقيا وهو ما يقتضي من باريس تعديل “أسطرلاب” سياستها في القارة السمراء. ومن البوابة المغربية تحديدا.

لماذا يشكل الاقتصاد أحد أهم جوانب هذه الزيارة؟

تعتبر الشركة المغربية الفرنسية في المجال الاقتصادي العمود الفقري لهذه المرحلة المتجددة من العلاقات.

وذلك لاعتبارات عدة ضمنها كون المغرب هو الشريك التجاري الأول لفرنسا في شمال إفريقيا والشريك التجاري التاسع عشر عالميا. في المقابل، تعتبر فرنسا هي الشريك التجاري الأول للمغرب في العالم. إضافة لكون فرنسا هي المستثمر الأول في المغرب. كما أن المملكة المغربية هي المستثمرة الأولى الأفريقية في فرنسا.

وفي هذا لا بد من التذكير بأن هناك ألف شركة فرنسية تستثمر على الأراضي المغربية. وهو ما يخلق 150 ألف منصب شغل.

وهناك مؤسسات استثمارية فرنسية تعول على هاته الزيارة لأهميتها الاستثمارية والتجارية على هاته المؤسسات. اهمها شركة “إيرباص” لصناعة الطائرات. حيث أن هناك عقودا موعودة من الأن وحتى عام 2037 .

المؤكد أن استعادة هاته العلاقات والطموح الذي يلازم مسار تنميتها وتقويتها راجع بالأساس لتعديل فرنسا لمواقفها اتجاه القضية الوطنية الأولى. وذلك مع الرئيس الفرنسي، الصيف الماضي، تأييده المقترح الذي قدمه المغرب عام 2007 في شأن الحكم الذاتي. وهو ما أوصل هاته العلاقات لمرحلة هامة من التقدم.

وهو التحول الذي أرجعه “الإليزيه” لحصول توافقات دولية اتسعت في الفترة الماضية لفائدة دعم المقترح المغربي للحل. وهو ما أدى لتحويل مسار هاته العلاقات نحو مزيد من الوثوقية المنفتحة على المستوى الدبلوماسي. ودعم جهود الأمم المتحدة، وجهود التطوير الاقتصادي والاجتماعي والثقافي لمنطقة الصحراء المغربية.

واعتبرت باريس أن مواقفها الآنية تتفق مع القانون الدولي. بما يعنيه ذلك أن المشاريع التنموية والاستثمارية في المنطقة لا تتنافى مع مظلة القانون الدولي ولا مع إرادة السكان المحليين.

الأكيد أيضا أن هاته التحولات ستعكس مستوى تطوري هام ليس لاستعادة توهج العلاقات المغربية الفرنسية. بل سيشكل إلى جانب الموقف الامريكي والإسباني الداعم لمغربية الصحراء منطلقا لفتح مسار علاقات استثمارية ستعود بالنفع على فرنسا كما المغرب. وهو ما يعزز المنحى السياسي الذي يؤسس علاقات الدول والقائم على أنه لا “وجود لصداقات دائمة ولا لعداوات دائمة بل مصالح دائمة”.

الأفق الهام لمسار هاته العلاقات كشفت عنه وسائل إعلامية فرنسية التي أوضحت أن أبرز ما قد تشهده هذه الزيارة هو صفقة شراء القوات المسلحة الملكية المغربية حوالي 18 طائرة هليكوبتر فرنسية من طراز “Caracal”، وصفقة أخرى تتعلق ببناء أول غواصة بحرية لفائدة الرباط.

 

زيارة “ماكرون” للمغرب تعزيز لعلاقات تاريخية متجددة باتفاقيات اقتصادية ودعم سياسي