تشهد جهات المملكة المغربية تحولاً جوهريًا في نموذج إدارة المنشآت الرياضية، مع خطوة استراتيجية تقودها وزارة الداخلية تتمثل في إحداث شركات جهوية متخصصة في تدبير وصيانة الملاعب الكبرى. يأتي هذا القرار في إطار التحضير المتسارع لاستحقاقات رياضية دولية ضخمة، أبرزها كأس أمم إفريقيا وكأس العالم 2030، حيث تُعد مدن الدار البيضاء والرباط وطنجة وفاس وأكادير نقاط ارتكاز أساسية في الخريطة الاستضافة المغربية.
يُعتبر هذا التوجّه الجديد قطيعة مع نموذج التدبير السابق الذي تولته شركة “سونارجيس”، والتي واجهت انتقادات حادة بسبب سوء التسيير وغياب الرؤية الهيكلية الواضحة لصيانة الملاعب الوطنية وتطويرها. وقد تزامنت هذه الانتقادات مع شكايات متكررة من الفاعلين الرياضيين والجماعات المحلية، التي أشارت إلى نقائص تدبيرية أثرت سلبًا على جودة الخدمات وتجربة المستفيدين.
وفقًا لمصادر مطلعة، يسعى القرار إلى إرساء أسُس تدبير احترافي يستجيب للمعايير الدولية، ويعزز حكامة المنشآت الرياضية، خاصة في المدن المرشحة لاستضافة فعاليات عالمية. كما يتضمن القرار سحب اختصاص إدارة الملاعب من المجالس المنتخبة المحلية، ونقلها إلى الشركات الجهوية الجديدة، في خطوة تهدف إلى الانتقال نحو نموذج مؤسساتي أكثر فعالية وحيادية، بعيدًا عن التجاذبات السياسية التي عرقلت مشاريع كبرى في السابق.
في إطار التنفيذ العملي، وجه والي جهة الدار البيضاء–سطات، السيد محمد امهيدية، مراسلة رسمية إلى جماعة الدار البيضاء يطلب فيها إدراج نقطة إحداث شركة جهوية للمنشآت الرياضية ضمن جدول أعمال الدورة الاستثنائية المقبلة. ويُبرز القرار الطابع المركزي للعملية، حيث سيتولى الوالي رئاسة المجلس الإداري للشركة، مما يعكس إرادة قوية لإعادة هيكلة القطاع الرياضي وتوحيد الرؤية التدبيرية على المستوى الجهوي.
من المتوقع أن تثير هذه التحولات نقاشًا واسعًا في الأوساط الرياضية والسياسية، خاصة في ظل الانتقادات السابقة لأداء المجالس المحلية في صيانة الملاعب وغياب الاستراتيجية الواضحة لاستثمارها. ومع ذلك، يرى مراقبون أن هذه الخطوة تمثل بداية مرحلة أكثر احترافية وحكامة، تُوضع من خلالها أسس متينة لجاهزية المنشآت الرياضية المغربية لاستقبال التظاهرات العالمية القادمة.
بهذه الخطوة، يضع المغرب لبنة جديدة في مسار تحديث بنيته التحتية الرياضية، مستهدفًا ضمان كفاءة إدارية أعلى واستدامة أفضل للمنشآت، في سباق مع الزمن للوصول إلى مستوى التنظيم العالمي المنشود بحلول 2030.