أونكيت ميديا
في خطوة غريبة لشركة تستثمر فوق أراضي المملكة المغربية الشريفة. ذات دستور يؤسس عمل كافة مؤسساتها. والذي تم اعتماده شعبيا ورسميا عام 2011. وفي موقف أثار استياءً واسعاً لدى الصحافيين ممن توجهوا لتغطية فعاليات إحدى الندوات التي تعقدها شركة “إنوي”. هاته الأخيرة آثرت التغريد خارج سرب الدستور المغربي والقوانين ذات الصلة بحرية التعبير. ودور السلطة الرابعة في المتابعة والتنوير وخلق الرأي العام لمستوى يعكس مدى انحدار العقليات التي تقود هاته المؤسسة. ونسيان موقعها كمؤسسة استثمارية تنشط فوق التراب المغربي. وأنه من الواجب الرضوخ والالتزام بالقوانين المنظمة للمملكة المغربية الشريفة.
فقد قامت الشركة “السيئة الصيت” خلال ندوة أقامتها اليوم بفندق “ماريوت” على منع الصحافيين من أداء واجبهم المهني. ارتباطا بندوة نظمتها في موضوع “الرقمنة”. وذلك دون تقديم مبررات واضحة.
وضع أثار استغراب أغلب الصحافيين الذين تعرضوا للمنع. وفتح الأبواب على آلاف الأسئلة المشرعة حول حضور هاته المؤسسة بالمغرب. وضرورة تقيدها بالأحكام الدستورية والقانونية وبالتوجيهات الرسمية الصادرة. وهو القرار المستفز الذي اعتبره الصحافيون الحاضرون بصدق تقليصاً لدور الإعلام وتقييداً لحرية التغطية الصحافية.
الدستور المغربي: الحق في الوصول للمعلومة وأهمية تغطية الأنشطة الرسمية
ينص الدستور المغربي على حق المواطنين في الوصول للمعلومة وتغطية الأنشطة الرسمية. باعتبار هذا الحق جزءاً أساسياً من منظومة الشفافية وحوكمة المؤسسات التي تنهجها المملكة الشريفة تحت قيادة صاحب الجلالة الملك “محمد الساس”، حفظه الله. وهو الحق الذي عملت شركة “إنوي” السيئة الذكر على مصادرته والدوس عليه باستعلائها على القانون المنظم للحريات في المغرب. وأيضا على المواثيق والأعراف الدولية. والذي لا يقل أهمية عن قتل الصحافيين. على اعتبار أن المنع قتل معنوي ومصادرة لحق دستوري. ولحق المتلقي في الحصول على المعلومة.
ويعد هذا الحق أحد المكتسبات التي أقرها دستور 2011، الذي خصص فصلاً مستقلاً للتأكيد على أهمية إتاحة المعلومات أمام الجميع. وذلك لضمان انفتاح المؤسسات الحكومية والخاصة على المجتمع وتعزيز دور الإعلام.
وهكذا وفي إطار تكريس الشفافية المؤسساتية. أتاح الفصل 27 من الدستور المغربي للمواطنين والإعلاميين حق الوصول للمعلومة. معتبرا أن هذا الحق سيسهم في تحسين جودة الخدمات العامة ويرفع مستوى الثقة بين المواطنين والمؤسسات.
ووفقاً لهذا الإطار القانوني، فإن منع الإعلام من تغطية الأنشطة الرسمية أو حجب المعلومات عنها يعتبر اعتداء على الدستور. وهو ما يطرح تساؤلات حول التزام بعض الجهات العامة والخاصة بهاته المقتضيات الدستورية. ويفتح الباب على مصراعيه حول شرعية تساؤلات ذات صلة بحضور هاته المؤسسات وقوتها المالية. وهل تتيح هاته القوة المالية لشركة “إنوي” أن تعطل المقتضيات الدستورية المعتمدة من قبل المغرب. وتضرب بالتالي عرض الحائط التوجيهات الملكية الشريفة الصادرة في هذا الشأن
“إنوي” من المنع إلى المصادرة أي حضور لأي غياب
سابقا قال أحد الوزراء المغاربة ممن أداروا شؤون وزارة الداخلية خلال استقباله لوفود طلابية أجنبية تتابع دراستها بالمغرب: “Faite comme chez vous mais n’oublier pas que vous êtes chez nous”. ومعناها بالعربية “تصرفوا كما لو أنكم في دياركم ولكن لا تتناسوا أنكم في ديارنا”. وهي قولة صادرة من وزير عمر طويلا في دواليب الداخلية. توضح بشكل لا لبس فيه أن الأجنبي كيفما كانت صفته ذاتية أو معنوية ملزم بالانصياع للمؤسات المغربية والتقيد بدستورها وقوانينها التي تسيري على الجميع. ولا أحد يمكن أن يعلو على الدستور ولا أن يتم استبعاده من المساءلة والمحاسبة. وهو الدرس الذي لم تقرأه شركة “إنوي” السيئة الصيت. والتي لا ترى في الاستثمار إلا تركيما للأموال على حساب كافة القيم والاخلاقيات التي تؤسس وجودها داخل المغرب. والتي من أجلها تم الترخيص لها بالاستثمار في هذا البلد الامين.
الصحافيون الحاضرون في الموقع تفاجأوا من هاته القوة السيادية لهاته الشركة. التي عطلت الدستور والقانون والمؤسسات لفائدة ممارسات طيفلية. لا تشرف وجودها كشركة استثمارية في بلد الحقوق والحريات والأسس الدستورية والحوكمة والشفافية.
وجاءت ردود الأفعال سريعة من بعض الهيئات الصحافية وأيضا النقابية، حيث وصفت النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة هاته الخطوة بالخطيرة. والتي تؤسس لتحولات تعيد إلى الأذهان المرحلة الاستعمارية. والتي ضحى الشعب المغربي بالغالي والنفيس في تآزر بين العرش والشعب لاجتثاتها وتحقيق الاستقلال الوطني وعودة المغفور له “محمد الخامس”، طيب الله تراه. لعرش المملكة المغربية المستقلة الشريفة.
وقد اعتبر المهنيون والنقابة أن هاته الخطوة تتعارض مع حرية الإعلام. مبرزين أن الشفافية تقتضي تمكين الصحافة من أداء دورها في تغطية مختلف الأنشطة العامة للشركات الكبرى. خاصة التي تؤثر بشكل مباشر على المستهلك.
وقد عززت هاته الخطوات مخاوف الإعلاميين والإطار النقابي في شأن تقلص مساحات التغطية الإعلامية. مشددين على أهمية إيضاح الأسباب وراء هذا المنع. فيما اعتبر بعضهم أن انفتاح المؤسسات الخاصة على الإعلام يشكل عاملاً أساسياً في توثيق علاقتها مع الجمهور وتعزيز مصداقيتها.