تشهد جماعة مرتيل حالة استثنائية غير مسبوقة في المشهد السياسي المحلي بالمغرب، حيث أدرج مجلسها الجماعي في جدول أعمال دورته العادية لشهر أكتوبر 2025 نقطة تتعلق بإقالة أربعة أعضاء من المعارضة دفعة واحدة، وهم: هشام بوعنان، محمد أخيار، محمد السعوتي، وزهير شقور، وذلك في خطوة وصفت بالاستئصالية وتعد سابقة بتاريخ التدبير الجماعي في مرتيل. يأتي ذلك في سياق متوتر تشهده المدينة قبيل الانتخابات البرلمانية المقبلة، مما يطرح تساؤلات حول شرعية هذه الإجراءات ومدى توافقها مع مبادئ الديمقراطية المحلية والحكامة الجيدة.
وانتقلت الانتقادات من مستوى الأداء الاجتماعي والتنموي للجماعة، والذي طالما شكا منه السكان بسبب ضعف الخدمات وتردي البنية التحتية، إلى مستوى التسييس المفرط للمؤسسة المنتخبة واستغلال الآليات القانونية لتصفية الخصوم السياسيين. فالقانون التنظيمي رقم 113.14 ينظم شروط وإجراءات الإقالة، ويشترط أن تتم تحت إشراف السلطة الإقليمية لضمان الشفافية واحترام المساطر، إلا أن تطبيقه في هذه الحالة يبدو انتقائيا ويخدم أجندة ضيقة.
وفي سياق هذه التطورات، يظل صمت عامل عمالة المضيق-الفنيدق لغز محير، فبصفته ممثلا للسلطة المركزية والضامن لسلامة العملية الديمقراطية، يفسر صمته على أنه موافقة ضمنية على هذه الإجراءات. هذا الموقف يزيد من مخاوف المجتمع المدني والإعلام من أن تتحول مرتيل إلى نموذج سيئ يحتذى به في تصفية الحسابات السياسية تحت غطاء قانوني، مما يهدد بتآكل ثقة المواطنين في العمل السياسي ككل.
وترتبط هذه التطورات بسياق أوسع يتعلق بملفات شائكة هزت الجماعة، منها اتهامات بتزوير في عمليات سابقة وهدر للمال العام وتدخل في التوظيف، حيث حاولت المعارضة رفع سقف النقاش والمحاسبة فكان مصيرها الإقصاء. وهذا ينذر بتآكل ثقة المواطن في العمل السياسي برمته، ويحول التركيز عن الأولويات الحقيقية للسكان مثل محاربة الفقر وتوفير الخدمات الأساسية وخلق فرص الشغل.
في حين تجدر الإشارة إلى أن ما يحدث في مرتيل هو اختبار حقيقي لإرادة الدولة في حماية الممارسة الديمقراطية على المستوى المحلي، وتذكير بأن شرعية الانتخابات لا تعني شرعية إسكات الأصوات الناقدة. وتستدعي هذه السابقة وقفة جادة من جميع الفاعلين لمراجعة هذه الممارسات قبل أن تتحول إلى عدوى تنخر جسد الديمقراطية التشاركية التي ينص عليها الدستور.