تحت سماء مدينة فاس التاريخية، أشعل التصوف المغربي روح الاحتفال بمناسبة مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، من خلال تنظيم فعالية روحية عريقة أشرف عليها فضيلة الشيخ د. عزيز الكبيطي الإدريسي الحسني، أحد أعمدة التصوف في المملكة. حضرها نخبة من العلماء والدكاترة المختصين في التصوف والعلوم الشرعية، حيث تحولت ساحة المركز إلى فضاء روحاني يغمره التعبد والتأمل.
دامت فعاليات الاحتفال لأكثر من يوم، وتنوعت بين تلاوات قرآنية مباركة، وذكر جماعي نابض بالأمل والخشوع، وأشرفت على تقديم دروس ومحاضرات ركزت على سيرة النبي الكريم، مع التأكيد على ضرورة إحيائها بطريقة روحانية تتلاقى مع المبادئ التي يدعو إليها التصوف من محبة ورحمة وخشوع.
وفي كلمة له خلال اللقاء، أكد فضيلة الشيخ على أن المولد النبوي هو مناسبة لتعزيز الروابط الروحية والاجتماعية، مشددًا على أن استحضار حياة النبي يُعد من أعظم وسائل تقوية محبة الله والأخلاق، في إطار التربية الروحية التي ينهجها التصوف، والتي تُعلي من قيمة القلب والنية الصادقة. ودعا الجميع إلى الاستمرار في إحياء هذه الذكرى بمراجعة روحية عميقة، تليق بمقام سيد الخلق، لتعزيز قيم التسامح والمحبة بين المسلمين كافة.
وسط أجواء تتسم بالسكينة والتأمل، استنشق المشاركون أنفاس الذكر، وتجسدوا وحدة القلوب في جو من الطمأنينة والروحانية. وهكذا، برزت قدرة التصوف المغربي على الجمع بين العلم والأخلاق، بين الظاهر والباطن، كوسيلة لإحياء ذكرى المولد بطريقة تعكس عمق التراث الروحي وأصالته.
ويظل هذا اللقاء مثالًا حيًا على التفاعل المستمر بين الذاكرة الصوفية والهوية الثقافية المغربية، في إطار يعلي من قيم التسامح والمحبة، ويعزز السلام الداخلي، بمناسبة احتفال يلامس قلوب المسلمين ويؤكد أن الروحانية والإيمان هما جوهر النهضة الروحية والتراحم بين الأمة الإسلامية.