في 17 يوليوز 1921، قبل 104 سنوات، دخلت المقاومة الريفية بقيادة محمد بن عبد الكريم الخطابي مرحلة جديدة من المواجهة الحاسمة ضد الجيش الإسباني، بإطلاقها حصارًا محكمًا على موقع إغريبن، بعد أيام قليلة فقط من الانتصار الكبير في معركة دهار أوبران.
الجنود الإسبان، المنهكون والمنهزمون، كانوا قد تحصنوا بموقع إغريبن كخط دفاع متقدم لمحاولة استعادة المبادرة. لكن الحصار الذي فرضه الريفيون استمر خمسة أيام متواصلة، وسط ضربات دقيقة ومركزة أربكت خطط الجنرال سيلفيستري وأفقدت جنوده توازنهم.
بفعل الضغط المتصاعد وتضييق الخناق، لم يجد من تبقى من الجنود الإسبان خيارًا سوى الانسحاب نحو مركز أنوال. أغلبهم وصل منهكًا، مصابًا أو في حالة ذهنية منهارة. هذا الوضع زاد من هشاشة الوضع داخل أنوال، حيث سادت الفوضى وتراجعت المعنويات إلى أدنى مستوياتها.
عند مساء 21 يوليوز، أحكمت القوات الريفية قبضتها حول مركز أنوال من كل الجهات، في مشهد أظهر دقة التخطيط وسرعة التنفيذ من طرف عبد الكريم الخطابي ورجاله. وفي صبيحة 22 يوليوز، اتخذ الجنرال سيلفيستري قرارًا مصيريًا: الانسحاب من مركز أنوال، دون خطة واضحة، ولا تأمين للجنود، وهو ما مهد لاحقًا لأكبر هزيمة عسكرية عرفها الاستعمار الإسباني في شمال إفريقيا.
هذه الأحداث ليست فقط تفصيلًا عسكريًا، بل تمثل لحظة مفصلية في تاريخ المقاومة المغربية، حيث أظهر الريفيون قدرتهم على التنسيق والضرب الاستباقي والتأثير النفسي على العدو، قبل الدخول في معركة أنوال الفاصلة التي ستقلب موازين القوى نهائيًا.
ما جرى بين 17 و22 يوليوز 1921 لم يكن مجرد توالي معارك، بل بداية انهيار منظومة استعمارية بأكملها أمام إرادة شعب يعرف ما يريد.