جريدة

ما السر وراء رفض الولايات المتحدة عضوية فلسطين في الامم المتحدة؟

أونكيت ميديا 24

استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) لإسقاط قرار من شأنه تمكين فلسطين من العضوية الكاملة للأمم المتحدة، فيما تمنح هذه العضوية الفلسطينيين حقوقاً، ترفض إسرائيل تمكينهم منها.

 

 

بعد ترقب طويل وانتظار دائم على مدى 12 عاماً، ارتطم الأمل الفلسطيني بالعضوية الكاملة في الأمم المتحدة، بسبب الفيتو الأمريكي الذي أحبط أي فرصة لتحقق هذا المطلب المهم لفلسطين وشعبها.

 

وصوَّتت الولايات المتحدة يوم الخميس 18 أبريل/نيسان الجاري بمعارضة مشروع قرار يروم تمتيع فلسطين بالعضوية الكاملة في الأمم المتحدة، كانت قد تقدّمت به الجزائر إلى مجلس الأمن سابقاً خلال الشهر ذاته، وفي حين أيّد القرار 12 عضواً، امتنعت كل من بريطانيا وسويسرا عن التصويت.

 

وفي الوقت الحالي، تعد فلسطين “دولة مراقبة دائمة” في الأمم المتحدة، فيما كان مشروع القرار الأخير يوصي الجمعية العامة للأمم المتحدة، المكونة من 193 دولة، بـ”قبول دولة فلسطين عضواً في الأمم المتحدة”.

 

تنديد عربي وتبرير أمريكي

وضرب الفيتو الأمريكي عرض الحائط بآمال فلسطين في الحصول على العضوية الكاملة في المنظمة الأممية، وفي بيان لها مساء الخميس، رأت الرئاسة الفلسطينية أن الفيتو الأمريكي “غير نزيه وغير أخلاقي وغير مبرَّر، ويتحدى إرادة المجتمع الدولي الذي يؤيد بقوة حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة”.

 

 

وشدّد البيان على أن “هذه السياسة الأمريكية العدوانية تجاه فلسطين وشعبها وحقوقها المشروعة تمثل عدواناً صارخاً على القانون الدولي، وتشجّع استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية ضد شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة”.

 

 

بدورها أدانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) يوم الجمعة 19 أبريل/نيسان استخدام الولايات المتحدة حقّها في النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي لمنع صدور القرار.

 

وقالت الحركة في بيانها: “نُدين الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن ضدّ مشروع قرار منح فلسطين عضويّة كاملة في الأمم المتحدة (…) ونؤكّد للعالم أنّ شعبنا الفلسطيني سيواصل نضاله حتى يدحر الاحتلال وينتزع حقوقه ويُقيم دولته الفلسطينيّة المستقلّة كاملة السيادة وعاصمتها القدس”.

 

إقليمياً، شدّدت الخارجية الأردنية على أن “المجتمع الدولي يدعم حل الدولتين الذي تقوّضه إسرائيل، مما يجعل من الاعتراف بالدولة الفلسطينية واجباً على مجلس الأمن لمنع إسرائيل من الاستمرار في حرمان الشعب الفلسطيني من حقه في الحرية والدولة”.

 

كما أعربت وزارة الخارجية السعودية عن أسف المملكة لفشل مجلس الأمن الدولي في اعتماد مشروع القرار، مؤكدةً أن إعاقة قبول العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة يُسهم في تكريس تعنّت الاحتلال الإسرائيلي واستمرار انتهاكاته لقواعد القانون الدولي من دون رادع، ولن يقرّب من السلام المنشود.

 

بدورها أكدت الخارجية المصرية، في بيان لها، أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية وإقرار عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة حق أصيل للشعب الفلسطيني الذي عانى الاحتلال الإسرائيلي على مدار أكثر من 70 عاماً، معربةً عن أسفها لعجز مجلس الأمن عن إصدار قرار يُمكّن دولة فلسطين من الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

 

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، مثّل الفيتو الأمريكي الذي كثّفت واشنطن استخدامه، مظلّة دبلوماسية دولية لإسرائيل، تحميها من أي مبادرات أممية لوقف انتهاكاتها الوحشية لحقوق الشعب الفلسطيني.

 

وبررت الإدارة الأمريكية على لسان نائب المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة روبرت وود، الفيتو ضدّ القرار الأخير بأن بلاده ترى تمتيع فلسطين بعضوية كاملة في المنظمة “إجراء سابق لأوانه”، وأنه يجب أن يمرّ عبر مفاوضات مباشرة بين طرفي النزاع.

 

وقال وود إن بلاده تواصل دعم “حل الدولتين”، مشيراً إلى أنهم “أوضحوا منذ مدة طويلة أن الإجراءات المبكرة، حتى مع أفضل النِّيّات، لن تضمن إقامة دولة للشعب الفلسطيني”.

وادّعى نائب المندوبة الأمريكية أن فلسطين لا تستوفي شروط العضوية الكاملة وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، داعياً السلطة الفلسطينية إلى إجراء “الإصلاحات اللازمة” لتصبح دولة، كما أنه ” لا ينبغي أن ننسى أن حماس لا تزال تتمتع بالسلطة والقوة في غزة”.

لماذا تعارض أمريكا انضمام فلسطين إلى الأمم المتحدة؟

منذ طرح مشروع القرار على مجلس الأمن كانت كرة تمريره ملقاة في ملعب الولايات المتحدة، على اعتبار أن اثنتين من الدول الدائمة في المجلس وخمساً أخرى -من الأعضاء المتناوبين- تعترف مسبقاً بدولة فلسطين، بالإضافة إلى أن عدداً من المراقبين رجحوا عدم معارضة بريطانيا وفرنسا القرار، واكتفاءهم في حالة عدم قبوله بالامتناع عن التصويت.

وسبق للمبعوث الأمريكي روبرت وود، أن أعطى إشارات برفض البعثة الأمريكية الموافقة على مرور القرار، عازياً ذلك إلى أن عملهم “مقيَّد بالتشريع الأمريكي”، الذي يمنع على الهيئات الأمريكية الاعتراف بدولة فلسطين من دون اتفاق سلام دائم.

وضغط الإسرائيليون على حلفائهم الأمريكيين من أجل رفض القرار، وابتزّ المسؤولون في تل أبيب نظراءهم في واشنطن برسائل مفادها أن “أي اعتراف دولي بدولة فلسطين هو بمثابة مكافأة لحماس على عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول”، وفق ما ذكرته صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية.

وفي خطاب ألقاه أمام الجمعية العامة مطلع شهر أبريل/نيسان الجاري، قال السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان، إن المنظمة الدولية “ستكافئ الإرهاب” إذا منحت العضوية للفلسطينيين.

ومن الناحية الإجرائية، فإن حصول فلسطين على العضوية الدائمة في الأمم المتحدة، يعني الاعتراف الدولي بوجودها كياناً مستقلاً كامل السيادة على أراضيه، كما يمكّنها من الاندماج داخل المجتمع الدولي ويفتح لها باباً أمام فرص متنوعة، من بينها القدرة على التأثير دولياً.

ولا يمثل هذا الاعتراف شكلاً رمزياً فحسب، بل يحمل وزناً في الأوساط الدبلوماسية، وبإمكانه منح دولة فلسطين الحقوق والمسؤوليات التي تأتي مع العضوية في المجتمع الدولي.

ومنذ عام 2012، لا تمتلك دولة فلسطين سوى عضوية مراقب في الأمم المتحدة، وهو ما يحرمها من التصويت، وفي المقابل، فإن منح الفلسطينيين الحقوق التي تأتي مع العضوية الكاملة، هو ما ترفضه إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة.