جريدة

المركز الديمقراطي العربي يناقش أفاق البحت العلمي السياسي بالمغرب .

كشفت دراسة حديثة نُشرت ضمن العدد الأخير من مجلة “اتجاهات سياسية”، الصادرة عن “المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية، الاقتصادية والسياسية”، أن “البحث العلمي السياسي في المغرب، وبالرغم من مرور ما يقارب خمسة عقود عل تدريس علم السياسة في الجامعات المغربية، فإنه ما زال يعاني من تشويش في هويته في ظل تدرسيه داخل كليات الحقوق وتطبيق المقاربة القانونية في التعاطي مع الظاهرة السياسية إضافة إلى التبعية للمقاربة الفرنسية لعلم السياسية وعدم الانفتاح على التجارب الأنجلوساكسونية في البحوث السياسية”.

 

 

 

 

في السياق ذاته، أورد المصدر ذاته أن “حصيلة الإنتاج الجامعي السياسي في المغرب عرفت تزايدا من حيث الكم لاعتبارات عديدة؛ منها تزايد أعداد الطلبة في الجامعات المغربية”، مسجلا في الوقت ذاته أن “هذا التراكم المعرفي والبحثي يعاني من خلق الإبداع في الطرح والأصالة في تناول الظواهر السياسية وفق المناهج الحديثة والتحليلية والنقدية بما يعيد مركزية الجامعة في أن تكون مصدرا للمعرفة التي تفسر البيئة السياسية وتصب في تطوير البحث والدرس السياسيين”.

 

 

 

 

 

 

 

وفيما يتعلق بالنشاطات والمراكز البحثية في المملكة، أوضحت الدراسة عينها أن “عدد هذه المراكز المعترف بها وصل سنة 2012 إلى حوالي 30 مركزا بحثيا، ليحتل بذلك المغرب المركز الرابع عربيا على هذا المستوى؛ إلا أن هذه المؤسسات تواجه في العالم العربي ككل شللا ديمقراطيا بما يجعل من عملية البحث المستقل غير موجودة في جو فكري حر، وهو ما يجعل جور القوى البحثية في العالم العربي هامشيا في صنع القرارات والسياسات”.

 

 

 

 

 

 

ولفتت الوثيقة ذاتها إلى أن “سياسات أبحاث الجامعة العربية بشكل عام سيئة جدا وتعتمد على مناهج قديمة في العلوم السياسية، كما تُظهر فشلا في مواكبة متطلبات المعرفة المعاصرة”، معتبرا في هذا الصدد أنه “إذا كانت الحرية الأكاديمية تعد من أساسيات البحث العلمي السياسي الجاد والرزين، فإن الدعم المالي المستقل للباحثين وإغناء المكتبات الجامعية بمصادر علمية ذات قيمة معرفية لا يقل أهمية بدوره”.

 

 

 

 

 

 

وأشارت إلى أن “التخصص السياسي لا بد أن يوفر فرص شغل أيضا، إذ أن الملاحظ أن أفواج الطلبة الذين يستمرون في التخرج بشكل سنوي من شعب العلوم القانونية والسياسية وإن كانت فئة قليلة منهم تجد منافذ لها في الجامعات حيث يشتغلون كأساتذة، إلا أن الأغلبية منهم يشتغلون في حقول بعيدة عن عالم السياسة حيث يلتحق عدد منهم بصفوف الحركات السياسية أو الجمعيات المدنية أو يوظفون معارفهم في مجال الإعلام الورقي أو الإلكتروني”.

 

 

 

 

 

وتساءلت الدراسة ذاتها عن “فائدة الإصلاحات الهيكلية المقررة في التعليم الجامعي بالمغرب إن لم تنعكس بصورة جادة على واقع البحث العلمي السياسي وفق متطلبات العصر، خاصة في ظل تهميش الدولة للجامعة في ظل خطابات رسمية تشجع الشباب للتوجه نحو التكوينات المهنية”.

 

 

 

واعتبرت الوثيقة عينها أن “الضعف الذي يعرفه البحث العلمي لم يكن وليد اللحظة، وإنما كان نتاج تراكمات سنوات كانت فيها الدولة تحارب علم السياسة بعد إغلاقها لمعهد الدراسات السياسية. كما أن الجامعة تعاني من الفساد على جميع الأصعدة، لينضاف هذا المشكل إلى ما تعانيه من ضعف التمويل والوسائل اللوجستيكية لتحقيق الأهداف البيداغوجية ولعب دورها في إنتاج باحثين يمتلكون أدوات منهجية وتحليلية في التعاطي مع الظواهر السياسية وبناء معرفة نقدية بعيدة عن الإيديولوجيا أو الشرعنة”.

 

 

 

وخلصت إلى أن وضعية البحث العلمي السياسي في المغرب عرفت مسارات متعددة، ما بين ركود وانتعاش يحتكم لوقائع سياسية؛ فمع تأسيس الجامعات وتزايد أعدادها منذ الاستقلال إلى اليوم، تراكمت البحوث كميا مع افتقادها للقيمة المضافة، معتبرة أنه “من الإنصاف القول إن هناك تطورا للمنتوج المعرفي؛ إلا أنه لا يرتقي لمواكبة تطور علم السياسة، لا من حيث موضوعاته ولا المناهج المعتمدة أيضا. وقد يرجع ذلك إلى ضعف الجماعة العلمية والإنتاج العلمي، حيث إن هذا الأمر ليس نتاج معوقات اجتماعية وسياسية فقط؛ بل أيضا نتيجة عدم وجود الجرأة وضعف الجماعة العلمية وتشتتها، إضافة إلى ممارسة الباحث للرقابة الذاتية على نفسه”.